شعراء القطيف (المرهون)
{93} الشيخ إبراهيم الغراش
المتولّد سنة (1 / 1 / 1361)
هو الأديب الشيخ إبراهيم بن عبد اللّه بن محمّد بن إبراهيم الغراش. و«الغراش» جمع «غرشة» معروفة بالجرار ـ بكسر الجيم ـ أو الأكواز؛ إذ كان مع أبيه يعملانها من الطين. ثم التحق ببعض المعلّمين للقرآن والكتابة، فألمّ ببعض القرآن حفظاً؛ إذ كان ضعيف البصر لا يستطيع أن يقرأ الكتابة، ثم رقى به التوفيق فامتهن الخدمة الحسينية، وما برح حتّى أصبح خطيباً مفوّهاً. وفي نفس الوقت اشتغل بطلب العلم، فكان حريصاً على تلقّي دروسه مهما كلّف الحال. ولا زال حتّى اشرأبت نفسه طموحاً إلى الهجرة لجامعة العلم النجف الأشرف؛ لينهل من نميرها الفيّاض، فهاجر إليها مرافقاً لأخيه وشقيقه الشيخ مبارك في اليوم الثالث عشر من ربيع الأول سنة (1385)، فأقام بمدرسة البغدادي مكبّاً على الدرس، طالباً لضالّته المنشودة بمساعدة أخيه المذكور (وفقهما اللّه للعلم)؛ لينفعا وينتفعا. وكان المترجم يقول الشعر، ومنه قوله:
في رثاء الحسين عليه السلام
بكيت على نفسي ومازلت باكيا *** اُذكرها بالأمس ما كنت جانيا
جنيت على نفسي هموماً عظيمة *** تهدّ الجبال الراسخات الرواسيا
أصابت فؤادي بالسهام وناظري *** فأصبحت منهوكاً وقد كنت ساليا
وبالمائسات الغيد قد كنت لاهياً *** بهنّ وإني في سروري لاهيا
قضيت زماناً هادئ البال مترفاً *** وقلبي سالٍ من جميع الدواهيا
ولكن دهري خانني بعدما وفى *** بتشتيت شملي من قريب ودانيا
فأصبحت كالثكلى لفقد أحبّتي *** وعيشي مرّ بعدما كان حاليا
ألا فاحذر الدهر الخؤون فإنه *** يخون بمن ألقى إليه الأمانيا
لقد غدر الدهر الخؤون بمن به اسـ *** ـتقام الهدى والدين أصبح عاليا
حسين رئيس الحقّ وافاه معضل *** يشيب له الطفل الذي لن يباليا
فجاء لقبر المصطفى شاكياً وفي *** حشاه لظى من جمرة الحزن واريا
وأبدى نحيباً زلزل العرش والسما *** وظلّت عيون المكرمات دواميا
ونادى بقلب مسعر من شجونه *** ومدمعه يجري كسحب الغواديا
أيا جدّ قلبي قد تكدّر عيشه *** وأبدت لي الأقدار ما كان خافيا
أيا جدّ دهري قد تنكر حاله *** فغيّر من لأوائه اليوم حاليا
وحاربني إذ لم اُبايع لمن غدا *** يهدّم ديناً كان بالحقّ عاليا
فناح له المختار من عظم حزنه *** على سبطه عزّ الهدى والمعاليا
ونادى حبيبي ياحسين كأنني *** أراك عفيراً في دمائك ثاويا
وشمر لحاه اللّه منك قد ارتقى *** بنعل على صدر المعظم جاثيا
ولم يكتفِ حتّى يمكن سيفه *** بنحرك يشفي ضغنه المتواريا
ولهفي لتلك الطاهرات حواسراً *** ثواكل تنعى قد عدمن المحاميا
فناح عميد الحق حزناً لآله *** وما هو سخط للذي كان جاريا
ولما أتى أهليه أنباهُمُ بما *** تكلّم خير الرسل والحزن باديا
فأظلمت الآفاق في وجه أهله *** فضجّوا عليه بين ثكلى وناعيا
وناحت عليه الجن شجواً وحسرة *** ودين نبي الحق أصبح واهيا
يتبع…