المنارات الظاهرة في الاستخارات المأثورة عن العترة الطاهرة ـ 04
تأليف: أبو الحسن سليمان بن عبد الله البحراني
خيرة ذات البنادق
ومنها: ذات البنادق رواها ثقة الإسلام في (الكافي) عن علي بن محمد رفعه عنهم^ أنّه قال لبعض أصحابه [وقد سأله]([1]) عن الأمر يمضي فيه ولا يجد أحداً يشاوره فكيف يصنع؟ قال: «شاور ربك».
قال: فقال له: كيف؟ قال: «انوِ الحاجة في نفسك، ثمّ اكتب رقعتين في واحدة (لا) وفي واحدة (نعم)، واجعلهما في بندقتين من طين، ثم صلِّ ركعتين واجعلهما تحت ذيلك وقل: يا الله. إنّي اُشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير، فأشر عليَّ بما فيه صلاح وحسن عاقبة. ثم أدخل يدك فإنْ كان فيها (نعم) فافعل، وإنْ كان فيها (لا) لا تفعل… هكذا تشاور ربك»([2]).
والحديث وإنْ كان مرفوعاً إلّا إنه مشهور، وقد أورده شيخ الطائفة في (التهذيب)([3]) والمفيد في (المقنعة)([4]).
هذا مع التساهل في أدلّة السنن، وهذه الصورة قد أوردها الشهيد في (البيان)([5]) والكفعمي في كتابيه([6]).
ومنها: ما رواه الصدوق في (الفقيه) عن هارون بن خارجة عن أبي عبدالله× قال: «إذا أراد أحدكم أمراً فلا يشاور فيه أحداً من الناس حتى يبدأ فيشاور الله تبارك وتعالى».
قال: قلت: وما مشاورة الله تبارك وتعالى جعلت فداك؟ قال: «يبدأ فيستخير الله فيه أولاً، ثم يشاور فيه فإنه إذا بدأ الله تبارك وتعالى أجرى له الخيرة على لسان من يشاء من الخلق»([7]).
وقوله×: «على لسان من يشاء من الخلق»، يمكن رجوع الضمير فيه إلى الله سبحانه، وإلى المستشير.
ومنها: ما رواه أيضاً ـ عطّر الله مرقده ـ في الكتاب المذكور في الحسن عن مرازم عن أبي عبدالله× قال: «إذا أراد أحدكم شيئاً فليصلّ ركعتين ثم ليحمد الله عزّ وجلّ، وليثنِ عليه، وليصلِّ على النبي| ويقول: اللهم، إن كان هذا الأمر خيراً لي في ديني ودنياي فيّسره لي وقدّره لي، وإنْ كان غير ذلك فاصرفه عنّي».
قال مرازم: فسألت: أي شيء يقرأ فيهما فقال: «اقرأ فيهما ما شئت، إن شئت فاقرأ فيهما بـ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾([8])<([9]) الحديث، وقد أسلفنا عجزه في ذات الرقاع.
ورواه الشيخ في (التهذيب)([10])، لكن طريقه فيه غير نقّي، لاشتماله على علي بن حديد وهو ضعيف([11]).
ومنها: ما رواه الصدوق ـ عطّر الله مرقده ـ أيضاً في الكتاب المذكور في الصحيح عن حماد بن عثمان [الناب]([12]) عنه× أنه قال: «في الاستخارة أن يستخير الله الرجل في آخر [سجدة]([13]) من ركعتي الفجر مائة مرة ومرة، ويحمد الله ويصلّي على النبي|، ثم يستخير الله خمسين مرة، ثم([14]) يحمد الله ويصلي على النبيّ وآله ويتمّ المائة والواحدة»([15]).
قلت: وظاهر سياق الخبر كون الاستخارة مائتي مرة واثنتين، ويمكن أن يكون قوله: «ويحمدالله» إلى آخره جملة مفسّرة للاستخارة مائة مرة، والعطف التفسيريّ شائع جداً. وفي قوله: «ويتم المائة [والواحدة]([16])» [تأييد]([17]) ظاهر لهذا الاحتمال.
ومنها: ما رواه ـ قدّس الله روحه ـ في الكتاب المذكور عن محمد بن خالد القسري عن أبي عبدالله× أنه سأله عن الاستخارة، فقال×: «استخر الله في آخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجد مائة مرة ومرة». قال: كيف أقول؟ قال: «تقول: استخير الله برحمته، أستخير الله برحمته»([18]).
يتبع…
__________________________
([4]) لم نعثر عليه في نسخة المقنعة التي بين أيدينا، مضافاً إلى ذلك أن السيد ابن طاووس& والعلّامة المجلسي& حينما نقلوا هذه الرواية لم ينسبوها إلى المفيد، انظر فتح الأبواب: 227 ـ 228، بحار الأنوار 88: 237 ـ 238.
([6]) مصباح الكفعمي: 514، البلد الأمين: 230.
([7]) الفقيه 1: 355 / 1553، وقد مرّ في الصفحة، 171، الهامش: 1.
([11]) خلاصة الأقوال: 367 / 1443.
([12]) من المصدر، وما في المخطوط: (النائب).
([13]) من المصدر، وفي المخطوط: «السجدة».