بحث حول هجر القرآن الكريم
كتب البحث /حسين آل إسماعيل
قال الله تعالى في سورة الفرقان آية ٣٠: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوْا هَذَا القُرآنَ مَهجُوراً﴾.
ما هو المدلول الزَّمني لهذه الآية؟
اختلف المُفسِّرون في المدلول الزَّمني لهذه الآية على قولين وهما ما يلي:
القول الأول: أنَّ هذه الشَّكوى مِن النبي| حصلت في زمانه عندما كان يقرأ القرآن على قومه وهُم يستنكفون عن سَماعه ويُعرضونَ عن الإصغاء إليه كما بيَّن القرآن ذلك في سورة فُصِّلت آية ٢٦ حيث قال: ﴿وَقَال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تَغْلِبون﴾.
القول الثاني: أنَّ هذه الشكاية تكون في يوم القيامة وأنَّ الفعل (قال) فعل ماضٍ لكنَّه يدل على تحقق ما سيقع في المستقبل إنزالاً لمنزلة ما سيقع حتماً بمنزلة ما وقع فعلاً وهذا ما يُستفاد من السياق العام للآية المباركة إذ يقول جلَّ وعلا في سورة الفرقان آية ٢٨ و ٢٩ و٣٠: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلاً * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً * وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً﴾.
والروايات تؤكد هذا المعنى وتؤيده تمام التأييد ومن هذه الروايات ما يلي:
١. رُوِيَ في كتاب تفسير نور الثقلين للحويزي ج٤ عن أبي جعفر الباقر× أنه قال: قال رسول الله‘:
«أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي».
٢. رُوِي في كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي ج٦ عن أبي عبد الله الصادق× أنه قال: «السورة تكون مع الرجل قد قرأها ثم تركها فتأتيه يوم القيامة في أحسن صورة وتسلم عليه فيقول مَنْ أنتِ؟ فتقول: أنا سورة كذا وكذا فلو أنك تمسكت بي وأخذت بي لأنزلتك هذه الدرجة».
٣. رُوِيَ في وسائل الشيعة للحر العاملي ج٦ عن أبي عبد الله الصادق× أنه قال: «القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أنْ ينظر في عهده وأن يقرأ منه في كل يومٍ خمسين آية».
وقد جاء في زيارة الحسين× يوم عرفة: «لقد أصبح رسول الله بك موتوراً وأصبح كتاب الله بفقدك مهجوراً».