شعراء القطيف (المرهون)
{76} محمّد سعيد الجشي[1]
المتولّد في (27/7/1339) ه
هو الأديب الشاعر الفذ، محمّد سعيد الحاج أحمد بن محمّد حسن بن علي بن مسعود الجشي، المولود في القلعة بالتاريخ المذكور. نشأ محبّاً للعلم وذويه، ونظم الشعر في مدح أهل البيت ومراثيهم، فتلقّى مبادئ علومه على يد أعلام بلاده، واستمر ينظم الشعر حتّى تكوّن لديه ديوان شعر أسماه (في محراب الذكرى). وكان على جانب كبير من الورع والصلاح، والذكاء والفطنة، والرسوخ في الإيمان والعقيدة، عرفه بذلك كل من اتّصل به، فهو من خيرة الشباب ورجال الإصلاح، يمثل في ذلك آباءه وأجداده، ولا غرو:
فمن يشابه أبه فما ظلمْ
(وفقه اللّه لمراضيه، وجعل مستقبل أمره خيراً من ماضيه، ومد في عمره طويلاً)، فلنستمع إليه يقول:
في ليلة المعراج
طوفي بنا في فجرك المتهادي *** يا ليلة المعراج بالأمجادِ
يا خاتم الرسل العظيم تحية *** معطارة كالغصن بالأورادِ
أشرق على الدنيا بهديك إنها *** ليل بهيم دامس متمادِ
لما عرجت إلى السماء مكرماً *** ومطهراً بالثوب والأبرادِ
وبك السماء تألقت جنباتها *** جبريل فيها رائح أو غادِ
ورجعت تخبر عن عجائب ما احتوى *** كون وعن أملاك سبع شدادِ
وعن الجنان تفتحت أبوابها *** وعن الجحيم ووهجها الوقّادِ
صلى وراءك كل روح طاهر *** ملك كريم أونبي هادِ
ذعرت عقول القوم هذا قائل *** حقاً وهذا مظهر لعنادِ
والاُفق من عرف النبوة عابق *** وسناك زاهٍ كالصباح وبادِ
والحقّ بالوحي المنزل مشرق *** والأرض شامخة على الأطواد
قد قمت تهتف في الجموع مبلّغاً *** حقاً ولا تخشى جموع أعادِ
فسبقت آلاف القرون بطائر *** بجناحه يسمو على الأبعادِ
واجتزت أجواء الفضاء بسرعة *** عنها تقهقر راكب المنطادِ
طه فديتك منذراً ومبشراً *** أشرق على مدن وطف ببوادِ
أشرق كفجر في دياجير الدجى *** واحطم سلاسل هذه الأقيادِ
انشر سناءك في المشارق يقتبس *** في «الغرب» طالب حكمة وسدادِ
وارسل بيانك سلسلاً متدفّقاً *** بلغ فديت على ذرا الأعوادِ
وارفع (كتابك) للقرون منارة *** يهدي لنهج الحق والإسعادِ
فشريعة لك سمحة قد أوضحت *** ما تبتغي الأجيال للآبادِ
قد أوضحت سبل الحضارة والهدى *** وبنت عروش المجد للأحفادِ
ولو استبان الحقّ جيلٌ طامح *** ما شِيد صرح ضلالة وفسادِ
ومشت على ضوءِ الرسالة اُمّة *** عربية مرهوبة الأجنادِ
ولما استباح عرينها وعروشها *** وغد وما رسفت بذي الأصفادِ
وإليك يا طه الأمين تجلّة *** في يوم عيدك أعظم الأعيادِ
يوم الخلود بيوم مبعثك الذي *** هو خير بانٍ للشعوب وهادِ
وعليك مني ألف ألف تحية *** ما غرّد الشادي وغنّى الحادي
يتبع…
_____________
[1] توفي رحمه الله في 18 / 9 / 1410 ه.