شعراء القطيف (المرهون)

الشيخ عبد الحميد الخطي
المتولّد (5/9/1332) ه
وله تحت عنوان:
أو المواكب الحسينية
لمن المواكب كالضحى تتهادى *** نشرت على الوادي السني أعلاما
يحدو بها الروح الأمين فتنثني *** تستنشق الآمال والأحلاما
وترفّ ألوية الجلالة فوقها *** أرأيت جنح النسر حين تسامى
وزها بها الوادي الجديب ونورت *** تلك السفوح شقائقاً وخزامى
خفت تودعه القلوب خوافقاً *** إذ ودعت فيه الرجا البسّاما
زمراً سراة الحيّ تهرع نحوه *** وتحثّ بين ضلوعها الآلاما
فالحجر يرجف والمقام مروع *** والوحي شاطر في الأسى الإلهاما
والكعبة العصماء حائلة البها *** وكسا الحطيم كآبة وظلاما
وسرى يلف أباطحاً بأباطح *** يطوي النجود وينشر الآكاما
وتحوطه من نشء هاشم نخبة *** كلاّ تراه الأروع المقداما
من كلّ وضاح لاُسرة أصيد *** تعطيك غرّته الهلال تماما
فيداه يوم الروع تنطف بالدما *** ولدى القرى تستمطر الإنعاما
من مهبط الوحي استقلّ ركابه *** وعلى مفارق كربلاء أقاما
فإذا النسور ذرا الخيام وكورها *** وفناؤهم للجود صار مقاما
وإذا دجا ليل فنار قراهُمُ *** شعّاعة كشفوا بها الإظلاما
يستقبلون ضيوفهم بطلاقة *** الغامرون ضيوفهم إكراما
ضربوا على هام السماك خيامهم *** حلّوا من الشرف الرفيع سناما
لم يلبثوا حتّى أطلّ عليهُمُ *** لجب يواري السهل والأعلاما
أدمى أديم الأرض وقع جياده *** وأمال شمّ الراسيات رماما
واستشعر الوادي المروع برجفة *** والماء جفّ وكان قبل رماما
والجرد تصهل والسيوف بوارق *** ومن الأسنّة أطلعوا الأجراما
يادمعة الحوراء حين تطلعت *** ترنو الفضاء فشاهدته ركاما
فرأت عنان الجيد واهية القوى *** ورأت حسيناً يصلح الصمصاما
هتفت أتصلح للمنون حساما *** وا ضيعتاه أرامل ويتامى
ارجع اُخيَ بنا لموطن جدنا *** فأجاب لو ترك الحمام لناما
وعلى الحسام قد اتّكا ما بينهم *** يستنصت الآحاد والأحزاما
إيه بني كوفان أي دم لكم *** عندي أم استحللت قبل حراما
يا أيها الأجلاف حسبكمُ انزعوا *** ثوب المذلّة كفروا الآثاما
هلا أفقتم من كرى طغيانكم *** فيكم شياطين الضلال ترامى
سحقاً وبعداً للذين عقولهم *** صغرت وعن نور الرشاد تعامى
بالأمس مثل المزن تترى كتبكم *** لم نرضَ غيرك راعياً وإماما
أسرع فإن الأرض خالية الربى *** وإليك أعددنا الخميس لهاما
أين المواثيق التي سلفت لكم *** أبني النفاق نقضتُم الأقساما
أم هل سواي ابن لبنت نبيكم *** تاللّه لن تجدوا سواي عصاما
هب أنكم لم تقدروا شرف الهدى *** فارعوا عوائد فيكم وذماما
تبّاً لكم أفتأملون بأنني *** اُلقي إلى الطاغي الأثيم زماما
قد شرعت سنن الإبا آباؤنا *** أ أنا اُقاد إليكمُ استسلاما
سأثيرها شعواء يبقى صيتها *** ويطبّق الأجيال والأعواما
أستعذب الموت الزؤام إلى العلا *** شرفي أبى أن أحمل الإرغاما
إما الحياة كما أروم أو الفنا *** من يقضِ حيث العز عاش دواما
لا خير في عيش يذل به الفتى *** فاربأ بنفسك أن تعيش مضاما
بدمي سأرفع للرشاد كيانه *** وبه أدك من الضلال دعاما
فتصامموا عن وعظه واستبدلوا *** رجع الجواب أسنة وسهاما
ومضى يثير إلى الوغى أبناءها *** من كان عندهُمُ الكفاح غراما
فتواثبوا من دونهم أسد الشرى *** بستمطرون من السيوف حماما
دكوا الهضاب على السهول وضيقوا *** سعة الفضاء وحطموا الأقراما
عامت بتيار النجيع خيولهم *** مثل السفائن تمخر القمقاما
جذعوا عرانين الطغاة بموقف *** للحشر يبقى باسمهم يتسامى
هم حللوا سكب النفوس على الظبا *** وعلى سواها شرعوه حراما
وقضوا كراماً تحت ظل لوائها *** فلذلك احتلّوا الخلود مقاما
فليفخر التاريخ في ذكراهُمُ *** هم شرفوا التاريخ والأقلاما
للّه فرد في قواه كتائب *** وبكفّه صحب الحسام حساما
إن يقحم الهيجاء ترتجف السما *** والكون يوشك يستحيل ضراما
يسقي الرمال الصاديات دم الطلا *** والسمر يطعمها الكلى والهاما
وترى تهافتها على شفراته *** مثل الفراش على الذبالة حاما
للّه موقفه الرهيب بكربلا *** تجثو القرون لذكره إعظاما
وبجبهة التاريخ شعّ سناؤه *** وتحلّت الأيّام منه وساما
للّه يوم الطفّ كم عِبرٌ به *** مطوية قد أعيت الأفهاما
شهداؤه قد عبّدوا سنن الفدا *** فوضعت خلف خطاهم الأقداما
هم مشعل النزّاع في طلب العلا *** ويضلّ من ليسوا إليه إماما
هل منهُمُ ذو نخوة عربية *** قعساء تصرع في الثرى الضرغاما
شادوا قبابهُمُ تلول رمالهم *** واستبدلوا عوض الرياش رغاما
قصد الصفائح والقنا إكليلهم *** وعليهُمُ ضربوا الإباء خياما
يترشّفون من الدماء كؤوسهم *** هل بلّ للصادي العبيط اُواما
عجباً وإن الدهر سفر عجائب *** إن الذنابى يعتلين قداما
سر العلي تقاذف البيدا به *** ويزيد سام المسلمين لجاما