مُقدِّمات مهمَّة لمَن عَزم على الحجّ
هناك أمورٍ مهمة لِمَنْ عَزَمَ على أداء فريضة الحجِّ وهي كما يلي:
١) أنْ يحجَّ بأموالٍ طاهرةٍ: وذلكَ بأنْ تكونَ الأموالُ التي يحجُّ بها لم يتعلقْ بها حُقوقُ اللهِ تعالى كالخُمس والزَّكاة، ولم يتعلقْ بها حُقوق المخلوقين كالدُّيون والقُروض ومَظالم العِبَاد لأنَّ الحجَّ بأموالٍ غير طاهرة له آثارٌ سيئةٌ ونتائجُ وخيمةٌ منها ما يلي:
أ) يُسبِّبُ عَدَمَ قَبولِ الحجِّ: رُوِيَ في وسائل الشِّيعة للحرِّ العاملي ج٨ ص١٠٢ _ ص١٠٤ عن أبي عبد الله الصَّادق عن أبيه الباقر’ أنَّ رسول الله‘ حَمَلَ جِهازه على رَاحلته وقال: «هذه حَجَّةٌ لا رِياءَ فيها ولا سُمعة» ثُمَّ قال: «مَنْ تجهَّز وفي جِهازه علمٌ حرام لم يقبلِ اللهُ منه الحجَّ».
ب) يُسبِّبُ رَدَّ التَّلبيتةِ على صاحبِها: رُوِيَ في وسائل الشِّيعة للحرِّ العاملي ج٨ ص١٠٢ _ ص١٠٤ عن محمد بن علي بن الحسين’ قال: رُوِيَ عن الأئمة عليهم السَّلام أنَّهم قالوا: «مَنْ حجَّ بمالٍ حرامٍ نُودِيَ عندَ التَّلبيةِ: لا لبَّيكَ عبدي ولا سَعديك».
٢) أنْ يحجَّ عن معرفة واطِّلاع: وتُقسَّم المعرفة إلى ثلاثةِ أقسامٍ وهي ما يلي:
أ) مَعرفةُ أحكامِ الحجِّ: رُوِيَ في مُستدرك الوسائل للميرزا النُّوري ج١٠ ص١٧٤ عن أبي جعفر الباقر× قال: قال رسول الله‘ في خطبته في الغدير: «مَعاشر النَّاس حُجُّوا البيتَ بكمال الدِّين والتَّفقُّه، ولا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبةٍ وإقلاع».
ب) مَعرفةُ أسرارِ الحجِّ: فإنَّ كلَّ عملٍ من أعمال الحجِّ له أسرارٌ خاصةٌ ينبغي معرفتها وعلى سبيل المثال نذكرُ بعضَها كما يلي:
المثال الأول/ أسرار ارتداء ثَوبي الإحرام والغُسْل: رُوِيَ في مُستدرك الوسائل ج١٠ ص١٧٢ قال الإمام السَّجَّاد× لأحدِ أصحابه يُسمَّى بالشِّبلي: «حَجَجْتَ يا شِبلي؟» قال: نعم يابن رسول الله فقال: «أنزلتَ الميقات وتجردت عن مخيط الثِّياب؟ واغتسلتَ؟» قال: نعم. قال×: «فحين نزلتَ الميقات نويتَ أنَّكَ خَلعتَ ثوبَ المعصية ولبستَ ثوبَ الطاعة؟» قال: لا. قال×: «فحين تجرَّدتَ عن مخيط ثيابك نويتَ أنَّكَ تجرَّدتَ من الرِّياء والنِّفاق والدُّخول في الشُّبهات» قال: لا. قال×: «فحين اغتسلتَ نويتَ أنَّكَ اغتسلتَ من الخطايا والذُّنوب»، قال: لا. قال×: «فما نزلتَ الميقات ولا تجرَّدتَ عن مخيط الثِّياب ولا اغتسلتَ».
المثال الثَّاني/ أدب الإحرام وعقد نيَّة الحجِّ: قال الإمام السَّجاد× للشبلي: «تنظفتَ وأحرمتَ وعقدتَ الحجّ؟» قال: نعم. قال×: «فحين تنظفتَ وأحرمتَ وعقدتَ الحجَّ نويتَ أنَّكَ تنظفتَ بنور التَّوبة الخالصة لله تعالى؟» قال: لا. قال×: «فحين أحرمتَ نويتَ أنَّكَ حرَّمتَ على نفسك كلَّ مُحرَّم حرَّمه الله عزَّ وجلَّ» قال: لا. قال×: «فحين عقدتَ الحجَّ نويتَ أنَّكَ قد حللتَ كلَّ عقدٍ لغير الله» قال: لا. قال×: «ما تنظفتَ ولا أحرمتَ ولا عقدتَ الحجَّ».
ج) معرفة أهل البيت^: رُوِيَ في وسائل الشِّيعة ج١١ ص٩٨ عن عبد الخالق الصَّيقل قال: سألتُ أبا عبد الله الصَّادق× عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾. فقال×: «لقد سألتني عن شيءٍ ما سألني عنه أحد إلا مَنْ شاء الله» ثمَّ قال: «مَن أمَّ هذا البيت وهو يعلم أنَّه البيت الذي أمره الله به وعرفنا أهل البيت حق معرفتنا كان آمنًا في الدُّنيا والآخرة».
٣) أنْ يتهيَّأ المكلف للحجِّ: وذلك بأنْ يُعِدَّ المُقدِّمات ويهيّء الأمور اللازمة للحجِّ وذلك لعدةَّ أسبابٍ منها ما يلي:
أ) لأنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ يراكَ وأنتَ تهيّء لوازم الحجِّ: رُوِيَ في كتاب الكافي للشَّيخ الكليني ج٤ ص٢٨٠ _ ٢٨١ عن عيسى بن أبي منصور قال: قال لي جعفر بن محمد الصَّادق’: «يا عيسى إنِّي أُحِبُّ أنْ يراك الله عزَّ وجلَّ فيما بين الحجِّ إلى الحجِّ وأنت تتهيأ للحجِّ».
ب) لِينالَ المكلَّف ثوابَ التَّهيؤ والاستعداد للحجِّ: رُوِيَ في كتاب الكافي ج٨ ص٢٨٠ _ ص٢٨١ عن إسحاق بن عمَّار عن أبي عبد الله الصَّادق× أنَّه قال:
«مَنِ اتخذَ محملًا للحجِّ كان كمن ربط فرسًا في سبيل الله عزَّ وجلَّ».
٤) أنْ يتجرَّدَ عن جميع الشَّواغل الدنيوية: وذلك على عدة أقسام وهي ما يلي:
أ) أنْ يُجرِّد قلبَه عن كلِّ شاغِل: رُوِيَ في ميزان الحِكمة للرَّيشهري ج١ ص٥٣٧ عن أبي عبد الله الصَّادق× أنَّه قال: «إذا أردتَ الحجَّ فجرِّد قلبك لله تعالى من كلِّ شاغل، وحِجاب كل حاجب، وفوِّض أمورك كلها إلى خالقك، وتوكل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك وسكناتك، وسلم لقضائه وحكمه وقدره، ودع الدنيا والراحة والخلق».
ب) أنْ يفرغ ذمته عما يشغها من حقوق الناس: واخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين، ولا تعتمد على زادك وراحلتك وأصحابك وقوتك وشبابك ومالك مخافة مخافة أن يصيروا لك عدوا، فإنَّ مَن ادعى رضا الله واعتمد على شيء، صيره عليه عدواً ووبالاً، ليعلم أنه ليس له قوة ولا حيلة ولا لأحد إلا بعصمة الله وتوفيقه.
٥) أنْ يكتبَ وصيَّته قبلَ سفره للحجِّ: «واستعدَّ استعدادَ مَنْ لا يرجو الرُّجوع، وأحسِنْ الصُّحبة، وارْعَ أوقات فرائض الله وسنن نبيِّه‘ وما يَجب عليك من الأدب والاحتمال والصَّبر والشُّكر».
حسين آل إسماعيل