الروابط الاجتماعية

ملتقى عاشوراء الأول
أم الحمام ـ القطيف
مصطفى آل مرهون
25/12/1439هـ
الحمد لله رب العالمين، ديّان يوم الدين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وآله الطاهرين.
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾([1]).
المجتمع الإسلامي مجتمع عقائدي يقوم على أساس الإسلام، بما فيه من الروابط بين أفراد الأمة في كل مجالات الحياة.
ومن أهم الروابط
الرابطة الأولى: البنية العقائدية.
وهذه البنية لا تفرق بين الأفراد بسبب اللغة أو اللون أو المذهب.
وفي الحديث: «المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه»([2])، وفي حديث آخر: «لا فضل للعربي على العجمي، ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى»([3]). ويكفينا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾([4]).
وهذا هو مجتمع التوحيد الذي يعني في حركته توحيد الكلمة، ويقوم على أساس الإيمان بالله وتوحيده والإيمان برسله واليوم الآخر. وتقوم كل روابطه على أساس المبادئ الإسلامية، وهو مجتمع شبّهه الرسول| بالجسد الواحد: «مثل المؤمن في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى»([5]).
ومن هنا فكل من يخرج على منظومة الإسلام البنيوية، فمن حقنا التشكيك في نواياه وممارساته؛ لأن الإسلام عقيدة وعمل ينطوي على منظومة خلقية عالية.
الرابطة الثانية: إن العبادة لله وحده.
وذلك من خلال ممارسة مختلف العبادات والشعائر، وخاصة العبادات الجماعية، مما يشعر بالألفة والترابط والوحدة الدينية، الأمر الذي يشكل الروابط الاجتماعية ذات المظهر القوي، والعميق الأخوي الذي يشكل نظام الحياة بالنمط الأعلى، والرابطة القوية التي تقوي البنية الاجتماعية، مما يكفل أمرين مهمين:
الأمر الأول: وحدة السلوك بين أفراد المجتمع.
الأمر الثاني: إزالة الاختلاف بين المسلمين.
الرابطة الثالثة: الوحدة الثقافية.
التي مصدرها الثقلين، الأمر الذي كفل للمجتمع مرجعية متينة وقوية، حيث إنها الثقافة المتحركة ضمن الموازين والقيم الإسلامية، مما يعني التوحيد الفكري الذي يبني الوحدة الاجتماعية المتماسكة برابطة ذات قيمة عظيمة عند جميع المسلمين.
ومن هنا فإن علينا:
أولاً: العناية بكتاب الله سبحانه، خاصة أنه المصدر الأول للشريعة الإسلامية.
ثانياً: العناية بالسنة النبوية الصحيحة، وما جاء عن العترة الطاهرة المطهرة، وأن لا تكون الخلافات الفرعية مدعاة للتكفير ومصادرة الآخرين، وشحن النفوس بالعداوة والبغضاء.
أيها الأخوة، يجمعنا كمسلمين كتاب الله وتوحيده، وحب الوطن، فإن حب الوطن من الإيمان، فلنكن اليد التي تعمر لا اليد التي تدمر، والبناء صيغة حضارية تحكي عن فكر متوقد وإنسان متحضر، ورجاحة في العقل.
ونحن بهذا اللقاء نشكل خطوة منفتحة ومتطورة نؤسس لإنجاز نتمنى أن نوفق فيه، متمنياً العمل الجاد لكل ما فيه الخير.
__________________
([2]) مفاتيح الشرائع 2: 222 / المفتاح: 680.