الصَّدقة في شهر رمضان
١) ما هو مفهوم الصَّدقة؟
٢) ما سببُ أهمية الصَّدقة في شهر رمضان؟
٣) ما هي أقسام الصَّدقة في رمضان؟
٤) ما هي شروط المالِ المُتصدَّق به؟
أما ما يعود إلى بيان النقطة الأولى فإنَّ للصَّدقة مفهومين وهما ما يلي:
١) المفهومُ العام: وهو عبارة عن المفهوم الواسع الشَّامل لكلِّ خير ومِنَ الأمثلة على ذلك ما يلي:
أ) الكلمة الطَّيِّبة: جاء عن الرَّسول الأعظم صلى الله عليه وآله قال: «الكلمةُ الطَّيِّبةُ صدقةٌ».
ب) إبعادُ الأذى عن الطَّريق: جاء عن الرَّسول الأعظم صلى الله عليه وآله قال: «إماطةُ الأذى عن الطَّريق صدقةٌ».
ج) التَّبسُّمُ في وجه المؤمن: جاء عن الرَّسول الأعظم صلى الله عليه وآله قال: «تبسُّمكَ في وجه أخيك صدقةٌ».
٢) المفهومُ الخاص: وهو عبارة عن بذل المال للفقير المحتاج، وهذه هي الصَّدقة التي لها أجرٌ بالغٌ وأثرٌ طيِّبٌ في إزالة الشُّخ وطردِ غريزة البُخل عند الإنسان وهذا هو الأثرُ التربويُّ هو الذي نحتاج إليه.
وأمَّا ما يعود إلى بيان النقطة الثانية فإنَّ الصَّدقة مهمة جدًّا في شهر رمضان لعدَّة أسباب منها ما يلي:
١) لتحقيق الحِكمة التي مِن أجلها فُرِضَ الصَّوم على النَّاس: جاء في كتاب عِلل الشَّرائع للشيخ الصَّدوق عن هشام بن الحكم أنَّه سألَ أبا عبد الله الصّادق×: لماذا أصبحَ الصِّيام واجبًا على النَّاس؟ فقال×: «إنَّما فرضَ الله عزَّ وجلَّ الصِّيام ليستوي به الغنيُّ والفقيرُ وذلك أنَّ الغنيَّ لم يكنْ يجدُ مسَّ الجوع فيرحمَ الفقيرَ لأنَّ الغنيَّ كلما أرادَ شيئًا قَدَرَ عليه فأرادَ الله عزَّ وجلَّ أنْ يُسوِّيَ بين خلقه وأنْ يُذيقَ الغنيُّ مسَّ الجوع والألم ليرقَّ على الضعيف فيرحم الجائع».
قصَّة: مَرِضَ الحسنان عليهما السلام فنذرَ أمير المؤمنين× وفاطمة الزهراء عليها السلام أنْ يصوما لله عزَّ وجلَّ إنْ شُفِيَا فلمَّا شفاهما الله صامَ عليٌّ وفاطمة والحسنان عليهمُ السلام وكذلك فضَّة صامت معهم، فأحضرَ أمير المؤمنين× مقدارًا مِن الحنطة والشعير ثم طحنوه وصنعوا منه خُبزًا لإفطارهم، فجاءهم مسكينٌ عند الإفطار في أوَّل يوم مِن صيامهم يطلب طعامًا فأعطوه حصصهم مِن الطعام وأفطروا بالماء الخالي، وفي اليوم الثاني صاموا وصنعوا خُبزًا مِن بقية الطحين فجاءهم يتيمٌ عند الإفطار يطلب طعامًا فناولوه طعامهم كلَّه وأفطروا بالماء الخالي، وفي اليوم الثالث صاموا فجاءهم عند الإفطار أسيرٌ فأعطوه ما صنعوه مِن الخُبز وأفطروا بالماء الخالي، فنزلت في حقهم آياتٌ مُباركاتٌ.
٢) ليتحقق قبولُ الصِّيام: رُوِيَ عن أبي عبد الله الصَّادق× قال: «إنَّ مِن تمام الصَّوم إعطاء الزَّكاة كما أنَّ الصَّلاة على النَّبي وآله صلى الله عليه وآله مِن تمام الصَّلاة لأنَّ مَنْ صامَ ولم يُؤدِّ الزَّكاة فلا صومَ له وإذا تركها متعمِّدًا ولا صلاةَ له إذا تركَ الصَّلاةَ على النَّبي، إنَّ الله قد بدأَ بها قبل الصَّلاة وقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكّى * وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلّى﴾».
والزَّكاة هي زكاة الفطرة وهي نوعٌ مِن الصَّدقة الواجبة التي يتحقق بدفعها للفقير قبولَ الصِّيام.
٣) لتحقيقِ الاقتداء بالمعصوم: رُوِيَ في كتاب موسوعة الآداب والمستحبات ص٤٢٥ عن أبي عبد الله الصَّادق× قال: «كان علي بن الحسين× إذا كان اليوم الذي يصومُ فيه يأمرُ بشاةٍ فتُذبَحُ وتُقطَّعُ أعضاؤها وتُطبخُ وإذا كان عند المساء أكبَّ على القُدور حتى يجدُ ريحَ المَرَق وهو صائم ثُمَّ يقول: اغرفوا لآلِ فلان واغرفوا لآل فلان حتى يأتي على آخر القدور ثُمَّ يُؤتَى بخُبزٍ وتمرٍ فيكون ذلك عشاؤه».
٤) لأنَّ الصَّدقة في شهر رمضان لها ثوابٌ عظيم وأجرٌ كبير: رُوِيَ في كتاب موسوعة الآداب والمستحبات ص٤٣٠ عن عبد الله بن مسعود قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «مَنْ تصدَّق في شهر رمضان بصدقةٍ مثقال ذرَّةٍ فما فوقها كان أثقل عند الله عزَّ وجلَّ مِن جبال الأرض ذَهَبًا تصدَّق بها غير شهر رمضان».
وأمَّا ما يعود إلى بيان النقطة الثالثة فإنَّ الصَّدقة في شهر رمضان على ثلاثة أقسام وهي ما يلي:
الصَّدَقة: وهي على ثلاثة أقسام وهي كما يلي:
أ) التَّصدُّق بصدقةٍ للشَّهر كلِّه: قال السيد محمد كاظم اليزدي في العروة الوثقى ص ٣٥٧ بعد أنْ يُصلي المؤمن صلاة أول الشهر: «بعد أنْ يُصلِّي صلاةَ أوَّلِ يومٍ مِنَ الشَّهر يتصدَّق بما تيسَّر فيشتري سلامة تمام الشَّهر بهذا».
ب) التَّصدُّق كلّ يومٍ بدرهم: رُوِيَ في كتاب الإقبال لابن طاووس ص٦٤ قال: «كان عليُّ بن الحسين× إذا دخل شهر رمضان تصدَّق في كلِّ يومٍ بدرهم فيقول: لعلِّي أصيبُ ليلة القدر».
ج) التَّصَدُّق بصدقةٍ وقتَ الإفطار: رُوِيَ في كتاب موسوعة الآداب والمستحبات ص٤٢٥ عن أبي الحسن الرِّضا× أنَّه قال: «مَنْ تصدَّقَ وقتَ إفطاره على مسكين برغيف غفر الله ذنبه وكتب له ثواب عتق رقبة مِنَ النَّار كذا مِن وُلْدِ إسماعيل».
وأمَّا ما يعود إلى بيان النقطة الرَّابعة فإنَّ المالَ الذي نتصدَّق به لا بُدَّ وأنْ تتوفَّرَ فيه عدَّة شروط وهي ما يلي:
١ ) أنْ يكونَ المالُ طيِّبًا: والآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تدلُّ على ذلك بوضوح ومِن ذلك ما يلي:
أ) قال الله تعالى في سورة البقرة آية ٢٧٦: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾.
ب) رُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «إنَّ الله طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّبًا».
٢) أنْ تنفقَ مِن المال المحبوب عندك: قال الله تعالى في سورة آل عمران آية ٩٢: ﴿لَنْ تَنَالُوَا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوَا مِمَّا تُحبُّون﴾.
٣) أنْ لا تُتبعَ الصَّدقة بِمَنٍّ ولا أذى: قال الله تعالى في سورة البقرة آية ٢٦٢: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾.
حسين آل إسماعيل