اللباس وفلسفته .. (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم…)

img

قال تعالى: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير، ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون) الأعراف: 26.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (أزين اللباس للمؤمن لباس التقوى، وأنعمه الإيمان. قال تعالى: (ولباس التقوى ذلك خير). روأما اللباس الظاهر فنعمة من الله تُستر بها عورات بني آدم، وهي كرامة أكرم الله بها على ذرية آدم ما لم يُكرم بها غيرهم. وهي للمؤمنين آلة لأداء ما افترض الله عليهم. وخير لباسك ما لا يشغلك عن الله، بل يُقرّبك من شكره وذكره وطاعته، ولا يحملك إلى العُجب والرياء والتزيّن والمفاخرة والخيلاء، فإنها من آفات الدين مورثة القسوة في القلب. وإذا لبست ثوبك فاذكر ستر الله عليك ذنوبك برحمته، وألبس باطنك بالصدق كما ألبست ظاهرك بثوبك. وليكن باطنك في ستر الهبة وظاهرك في ستر الطاعة، واعتبر بفضل الله عزوجل، حيث خلق أسباب اللباس لتستر بها العورات الظاهرة، وفتح باب التوبة والإنابة لتستر بها عورات الباطن من الذنوب وأخلاق السوء، ولا تفضح أحداً حيث ستر الله عليك أعظم منه، واشتغل بعيب نفسك واصفح عما لا يعنيك حاله وأمره، واحذر أن يفنى عمرك بعمل غيرك ويتجر برأس مالك غيرك وتهلك نفسك. فإن نسيان الذنوب من أعظم عقوبة الله في العاجل، وما دام العبد مشتغلاً بطاعة الله عزوجل فهو بمعزل من الآفات، خائض في بحر رحمة اله عزوجل، يفوز بجواهر الفوائد من الحكمة والبيان، وما دام ناسياً لذنوبه جاهلاً لعيوبه راجعاً إلى حوله وقوته لا يفلح إذا أبدا).

لقد كرم الله سبحانه وتعالى البشر عن سائر المخلوقات بأن جعل لهم اللباس الذي يستروا به عوراتهم ويحفظهم من التغيرات الجوية التي تتبدل خلال فصول السنة، وقد قسمها إلى أنواع، وهي: اللباس الساتر للعورة وللبدن، لباس الزينة، لباس التقوى والذي يتعلق بشدة الارتباط بالله سبحانه وتعالى.

وقد حدد الله عزوجل عدة ضوابط لهذا اللباس الذي جعله جل وعلا كرامة للبشر ولا شك بأن المخالفة فيما جعله الله سبحانه وتعالى كرامة للبشر هو قُبح بحكم العقل. والمخالفة فيه تكون من عدة أوجه:

أولاً: أن تخالفه في ذاته بأن تجعله من المغضوب أو جنسه بأن تلبس الحرير أو الذهب مثلاً.

الثاني: أن تخالفه في مقداره بالتبذير.

الثالث: أن تخافه في هيأته بالإطالة المنهية ونحوها، أو بالتشبه بالنساء أو بالكفار. وقد ورد في الحديث القدسي: (قل لعبادي لا تلبسوا بلباس أعدائي، ولا تشبهوا بأعدائي فتكونوا أعدائي).

والراجح في أمر اللباس الاقتصاد، فلا يكون من الفاخر الأعلى ولا من الداني الأسفل، بخلاف المأكل والمسكن وغيرهما مما يعيش به الإنسان من عروض الدنيا، لما ورد في التعبير عن الأئمة (عليهم السلام) بقولهم: (مأكولهم القوت وملبسهم الاقتصاد)، فالشهرة باللباس مرغوب عنها.

الكاتب ــ ــ

ــ ــ

مواضيع متعلقة