معنى الاستعداد للموت
جاء في غرر الحِكَم ص٧٠٤ عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «ويلٌ لِمَنْ غلبت عليه الغفلة فنسي الرِّحلة ولم يستعد».
١)ما أسباب عدم الاستعداد للموت؟
٢)بِمَ وُصِفَ مَنْ لا يستعد للموت؟
٣)كيف يكون الاستعداد للموت؟
أما ما يعود إلى النقطة الأولى هناك أسباب للغفلة وعدم الاستعداد للموت ومن أهمِّ هذه الأسباب ما يلي:
١)طُولُ الأمل: وقد عرَّفه المَولى النراقي قُدِّس سرُّه الشريف في كتابه جامع السعادات ج٢ ص٢٢٠ قال: «أنْ يُقدِّرَ بقاءه مدَّة مُتمادية مع رغبته في جميع توابع البقاء من المال والأهل والدَّار وغير ذلك».
٢)الاستغراق في المعاصي: وتلك المعاصي من أكبر وسائل الصدِّ واللهو عن الله تعالى، ومَنْ غفل عن الله تعالى فقد غفل عن الموت الذي ينقله إلى الله تعالى الذي يُحاسبه على تقصيره وظلمه، ومع الاستغراق في المعاصي يقسو القلب ويُطبع عليه قال الله تعالى في سورة الأعراف آية ١٠٠: ﴿وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾
٣)الابتعاد عمَّا يُقرِّب من الله: فالبعض لا يقرأ القرآن يخاف أنْ يمرَّ بالآيات التي تُذكِّره بالموت وكذلك لا يحضر أماكن تغسيل الموتى، ولا يُشارك في تشييع الجنائز، ولا يحضر المقابر، بل ولا يقرأ بعض الخُطب التي تُذكِّر بالموت والفناء عن هذا العَالَم.
٤)الانغماس في عَالَم المادِّيات: مع أنَّه يرى الموتى وانتقالهم من العَالَم المادِّي الفاني إلى العَالَم الأبدي الباقي، إلا أنَّ الانغماس في عَالَم المادَّة أعمى بصيرته.
٥)ضعف الإيمان: فإنَّ ضعيفَ الإيمان يكونُ غافلا عن الموت والاستعداد له، والقلب الذي لا يملأه اليقين والاطمئنان يعيش في شكٍّ من وقوع الموت ولقاءِ الرَّب.
وأمَّا ما يعود إلى النقطة الثانية وَقد وصفتِ الروايات مَنْ يذكرُ الموت ولا يستعدُّ له بأنَّه مُستهزِئٌ بنفسه فقد رُوِيَ في كتاب تنبيه الخواطر ونزهة النواظر للأمير الزاهد أبي الحسين ورَّام بن أبي فراس المالكي الأشتري ج٢ ص١١٠ عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال:
«سبعةُ أشياء بغير أشياء من الاستهزاء: مَنِ استغفر بلسانه ولم يندم قلبُه فقد استهزأ بنفسه، ومَنْ سأل الله التوفيق ولم يجتهدْ فقد استهزأ بنفسه، ومَنْ سأل الله الجنة ولم يصبر على الشدائد فقد استهزأ بنفسه، ومَنْ تعوَّذ بالله من النار ولم يترك شهوات الدنيا فقد استهزأ بنفسه، ومَنْ ذكر الموت ولم يستعدَّ له فقد استهزأ بنفسه، ومَنْ ذكر الله تعالى ولم يشتق إلى لقائه فقد استهزأ بنفسه».
وأمَّا ما يعود إلى النقطة الثالثة فقد بيَّنَ أهلُ البيت عليهم السلام معنى الاستعداد للموت فقد رُوِي في كتاب تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ج٢ ص١٥٨ أنه سُئل أمير المؤمنين عليه السلام ما الاستعداد للموت؟ فقال: «أداء الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم ثم لا يُبالي أوقعَ على الموت أو وقع الموت عليه، ما يُبالي ابنُ أبي طالب أوقع على الموت أو وقع عليه الموت».
وصلى الله على محمد وآل محمد
حسين آل إسماعيل
١٤٣٩/٦/٨هجرية