الفتنة ـ 3

img

النوع الرابع: فتنة الحق والباطل

﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾. هذا النوع يأتي باشتباه الحق بالباطل، لا تدري من على حق ومن على باطل.

وهنا يرد: هل كل نزاع يقع في المجتمع الإسلامي فتنة؟

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) كلمة رائعة، والتي تعتبر من جوامع الكلم، وتتمحور حول موقف الإنسان المؤمن من الفتنة وما الذي يحسن عمله في هذه الظروف. يقول (صلوات الله وسلامه عليه): «كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب».

بداية ما معنى ابن اللبون؟

ابن اللبون هو ابن الناقة الذكر، إذا أكمل له سنتان ودخل في الثالثة ويكون في هذا السن غير قابل للاستفادة مطلقاً، فهو لاينفع في الركوب؛ لأنه لا يقوى على حمل الأثقال، وليس له ضرع فيحلب.

يريد الإمام (عليه السلام) أن يقول: إن الإنسان الواعي في الفتنة يقف حياداً، فلا يكون ذا نفع لأي طرف من أطرافها. يقول: انتبه، لا تسلم نفسك للآخرين كي يستغلوك لمصالحهم، فلا تكن مطية لهم (هذا الظهر)، ولا تستنزف لهم من مبادئك وقيمك، يعني كن ثابتاً راسخاً عندما تحدث الفتن (وهذا الضرع)، وهذا شأن الفتن، محاولة استغلالك، فلا تضع نفسك في هذه المواقف.

ومن هنا يمكننا أن نقسم الفتن إلى قسمين:

الأول: عندما يكون الصراع بين باطل وباطل، دولة ظالمة تحارب دولة ظالمة.

يكون موقفي: لا دخل لي، «فأكون في الفتنه كابن اللبون».

الثاني: عندما يكون الصراع بين الحق والباطل

يكون موقفي: لابد لي من الدخول في هذه المواجهة وتحديد أين الحق وأتباعه لأنجح في الامتحان.

الخلاصة

الفتنة بمعنى الامتحان (كما هو في القسم الثاني)، ليس المقصود منها معنى الفتنة في حديث أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولو كان ذلك لكان الإمام أولى بالعمل بها في الصراعات التي خاضها.

إذاً الفتنة التي هي امتحان لابد من الدخول فيها ومواجهة الباطل؛ وذلك لقول الإمام علي (عليه السلام): «خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل».

نعم، عندما تكون الاُمور واضحة ويتبين الحق من الباطل فهذا ليس بفتنة. لما يكون الحق واضح فيجب أن تكون مع الحق، عندما يكون علياً ناهضاً تكون مع علي عندما يكون الحسين ناهضاً تكون مع الحسين، فهذه ليست فتنة، بل الجهاد مع صاحب الحق.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة