الشعر.. إلمام وإلهام _ 1
بنت الحوراء
قال عزّ من قائل في كتابه وشريف خطابه: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾.
البحث يقع في ثلاثةِ محاور:
1ـ الشعر وبيان حقيقة تأثيره في النفس.
2ـ مكانته في الإسلام ومناقشة الآيات التي تذم الشعراء.
3ـ في ذكر جملة من الأحكام الشرعية المرتبطة بالشعر.
من الاطروحات التي طُرحت في الساحة التي اختلف فيها الناس في نظرتهم للمنبر الحسيني اُطروحة تقرر أن الذي ينبغي أن يقتصر عليه المنبر الحسيني طيلة الموسم العاشورائي خلال عشرة محرم الحرام هو خصوص الجانب العاطفي المتمثل في عنصر البكاء، فلا يتعرض فيها لأي شيء آخر عدا ما يوجب إثارة الجانب العاطفي، وتحريك الأحاسيس والمشاعر، فيقتصر الخطيب طيلة أيام عاشوراء على استعراض الجوانب المأساوية، وعرض تفاصيلها. لسنا الآن بصدد مناقشتها أو مناقشة الاُطروحة الأخرى «أن الحسين عبرة وعبرة»، التي تختلف عنها في المضمون وإن كانت تشترك معها في لزوم البعد العاطفي، وضروريته، والتأكيد على مطلوبيته.
ولا ريب أن البعد العاطفي يلعب الشعر فيه دوراً كبيراً من خلال الأبيات الشعرية بنوعيها، فلا يخفى على أحد أثرها في إدرار الدمعة، لذا أرجو أن تأذنوا لي بإلقاء هذا الطرح المتواضع، وأسأل الله أن يجعل فيه الصلاح ونيل البركات الحسينية في هذه الأيام الإلهية.
المحور الأول: ويقع في زاويتين:
الزاوية الأولى: معنى الشعر.
الشعر لغة: في معجم لسان العرب: شَعَرَ به وشَعُرَ يَشْعُر شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً
ومَشْعُورَةً وشُعُوراً وشُعُورَةً وشِعْرَى ومَشْعُوراءَ ومَشْعُوراً؛ أي عَلم.
قال ابن فارس: والأصل قولهم شعرت بالشيء إذا علمتَه وفطنتَ له، وليت شعري: أي ليتني علمتُ، وسمّي الشاعر لأنّه يفطن لما لا يفطن له غيره. ومَشاعِرُ الحجّ: مواضع المناسك، سمّيت بذلك لأنّها مَعالم الحج.
شَعَر به: علم، وأشعرتُ به: اطّلعتُ عليه، وشعر على كذا: أي فطِن له، وإن كان كلّ علم شعراً.
وعلى هذا فيستعمل اللفظ الموضوع للمعنى العام أي العلم، في علم يحمله كلام خاص، له وزن وقافية، فيكون شعراً بهذا المعنى.
الشعر اصطلاحاً: كلام مخيل مؤلف من أقوال موزونة متساوية مقفاة.
والشعر العربي: النظم الموزون، وحدُّهُ: أن يركب تركيباً متعاضداً أو ما يعبّر عنه بقولنا مقفّى موزوناً.
الشاعر هو من يصيغ الأفكار والأحداث في القوالب الشعرية التي تخضع للقوانين.
وعليه فما ما يجري على بعض ألسنة الناس من غير قصد، لأنّه مأخوذ من شعَرتُ إذا فطنت وعلمت، فإذا لم يقصده فكأنّه لم يشعر به، وهو مصدر في الأصل.
يتبع…