المراد بكلمة الخمسة الأشباح
١) هل عبَّرتِ الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) بالأشباح؟
٢) هل خلق الله كل شيء لأهل البيت (عليهم السلام)؟
أما ما يعود إلى التساؤل الأول فقد عبَّرت مجموعة من الروايات عن الخمسة أصحاب الكساء بالأشباح ومن هذه الروايات ما يلي:
الرواية الأولى: عن المفضَّل عن جابر بن يزيد قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «يا جابر إنَّ الله أول ما خَلَقَ خَلَقَ محمدًا (صلى الله عليه وآله) وعترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي الله، قلتُ: وما الأشباح؟ قال: ظِلُّ النور أبدانٌ نورانية بلا أرواح، وكان مؤيدا بروح واحدة وهي روح القدس، فبه كان يعبد الله، وعترته، ولذلك خلقهم حلماء، علماء، بررة، أصفياء، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسحود والتسبيح والتهليل، ويصلون الصلوات ويحجون ويصومون»(١)
ونقف عند هذه الرواية الشريفة لنطرح سؤالين وهما ما يلي:
السؤال الأول: ما المراد بقوله: «ظِلُّ النُّور»؟
الجواب: قال المولى محمد صالح المازندراني: «الظل هو الفيء الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس مثلا والمراد به هنا على سبيل التشبيه أبدانٌ نورانية غير جسمانية كثيفة بلا أرواح حيوانية وقوى جسمانية كائنة في الأبدان الحيوانية، والنور المضاف إليه إما الروح أو النور المعروف، وكان ذلك الظل مؤيدا بروحٍ واحدة هي روح القدس وقد مرَّ أنه كان مع النبي (صلى الله عليه وآله) وهو أعظم من جبرائيل وغيره فبذلك الروح كان النبي وعترته يعبدون الله تعالى»(٢)
السؤال الثاني: ما المراد من قوله: «ولذلك خلقهم حلماء»؟
الجواب: قال المولى محمد صالح المازندراني: «قوله: «لذلك» يعني لتأييدهم بذلك الروح في أول الفطرة الروحانية خلقهم في النشأة الشهودية حلماء علماء بررة أصفياء في أول الفطرة الشهودية الجسمانية»(٣)
الرواية الثانية: عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قال: حدَّثني أبي عن أبيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «يا عباد الله إنَّ آدم لمَّا رأى النور ساطعا من صلبه _ إذْ كان الله قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره_ رأى النور ولم يتبيَّنِ الأشباح فقال: يا ربِّ ما هذه الأنوار؟ قال الله عزَّ وجلَّ: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، ولذلك أمرتُ الملائكة بالسجود لك، إذْ كنتَ وعاءً لتلك الأشباح فقال آدم: يا رب لو بيَّنتها لي؟ فقال الله عزَّ وجلَّ: انظر يا آدم إلى ذروة العرش، فنظر آدم ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الإنسان في المِرآة الصافية فرأى أشباحنا»(٤)
وأما ما يعود إلى التساؤل الثاني فهناك أدلة روائية من كتب الفريقين تدل على أنَّ كل خُلِقَ لأهل البيت (عليهم السلام) ومن هذه الأدلة ما يلي:
أولاً: بعض الروايات التي من طرق أبناء العامة فقد روى الحمويني والخطيب الخوارزمي عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «لمَّا خلق الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه التفتَ آدمُ يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سُجَّدًا ورُكَّعًا قال إدم: هل خلقتَ أحدًا من طينٍ قبلي؟ قال: لا يا آدم قال: فَمَنْ هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيأتي وصورتي؟ قال: هؤلاء من وُلدِك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققتُ لهم خمسة أسماء من أسمائي لولاهم ما خلقتُ الجنة والنار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن فأنا المحمود وهذا محمد وأنا العالي وهذا علي وأنا الفاطر وهذه فاطمة وأنا الإحسان وهذا الحسن وأنا المحسن وهذا الحسين، آليتُ بعزَّتي أن لا يأتيني أحدٌ بمثقال ذرة من خردل من بُغض أحدهم إلا أُدخله ناري ولا أُبالي يا آدم هؤلاء صفوتي»(٥)
ثانياً: بعض الروايات التي من طرق الشيعة عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله خلقا أفضل مني، ولا أكرم عليه مني يا علي لولا نحنُ ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا الانبياء ولا الملائكة»(٦)
مصدر جميع ما ذُكِرَ أعلاه ما يلي:
__________________
(١) (كتاب الكافي للشيخ الكليني باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله) ووفاته ص٤٤٢)
(٢) (كتاب شرح أصول الكافي للمولى محمد صالح المازندراني ج٧ ص١٥٠)
(٣) (شرح أصول الكافي للمولى محمد صالح المازندراني ج٧ ص١٥٠)
(٤) (كتاب المسائل العكبرية للشيخ المفيد ص٢٨)
(٥) (كتاب فرائد السمطين الباب الأول وكتاب المناقب للخطيب الخوارزمي)
(٦) (بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٣٣٧/٣٦)
حسين إسماعيل