محاضرات إسلامية ـ 4
ما هو الكوثر؟
والكوثر نهرٌ أعطاه الله لنبيّه (صلى الله عليه وآله) قال: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾([1])، واختَصّه به وبعترته وشيعته ومحبّيهم، وهو يجري من تحت العرش ويصبّ فيه شعبتان من الجنة، إحداهما من تسنيم، والاُخرى من معين، ماؤه أشدُّ بياضاً من الثلج، وأحلى من العسل، وألينَ من الزبد، وأزكى من العنبر، وأصفى من الدمع، حصاه الدرّ والزبرجد والمرجان، ترابه المسك الأذفر، حشيشه الزعفران، قواعده تحت عرش الله، وعرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب.
لا ريب في أن حوض الكوثر مما أعطيه النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، إلا أن الذي يتولى السقاية فيه هو أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما نصت على ذلك نصوص عديدة.
فعن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أراد أن يتخلص من هول يوم القيامة فليتول وليي، وليتبع وصيي، وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب، فإنه صاحب حوضي يذوذ عنه أعداءه، يسقي أوليائه، فمن لم يسق منه لم يزل عطشاناً ولم يرو أبداً، ومن سقي منه شربة لم يشقَ ولم يظمأ أبداً»([2]).
هو نبع ماءٍ زلال في الجنة له سعة وامتداد يقصده أهل الجنة بعد الخروج من سكرات الحشر و مواقف القيامة، بمجرد أن ينتهي الحساب و يدخل أهل الجنة فيها يردون هذا الحوض لإرواء عطشهم و إزالة نصبهم، فيجدون في مائه من اللذة ما لا يدركه الوصف.
نهر الكوثر وحوض الكوثر
هناك فرق بين حوض الكوثر، ونهر الكوثر، الثاني خاص للنبي وأهل بيته دون الأنبياء، وهو نهر في الجنة، الحوض في عرصة القيامة.
روى أبو الورد عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) أنه قال: «إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين والآخرين، عراة حفاة، فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقاً شديداً، وتشتد أنفاسهم فيمكثون كذلك ما شاء الله، وذلك قوله تعالى: ﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾([3]). قال: ثم ينادي مناد من تلقاء العرش: أين النبي الأمي؟ قال: فيقول الناس قد أسمعت كلا فسم باسمه، قال: فينادي: أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله، قال: فيقوم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيتقدم أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة وصنعاء، – ومن هنا جاء لقب الوارد للرسول (صلى الله عليه وآله) لأنه من يتقدم القوم ليدلهم على مكان الورد ومكان الحوض فيقف عليه ثم ينادي بصاحبكم يعني علي (عليه السلام) – فيقوم أمام الناس فيقف معه، ثم يؤذن للناس فيمرون»([4]).
قال أبو جعفر (عليه السلام): «فبين وارد وبين مصروف فإذا رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى، وقال: يا رب شيعة علي، يا رب شيعة علي، فيبعث الله عليه ملكاً فيقول له: ما يبكيك يا محمد؟ قال: وكيف لا أبكي لأناس من شيعة أخي علي بن أبي طالب أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا من ورود حوضي؟ قال: فيقول الله عز وجل له: يا محمد إني قد وهبتهم لك، وصفحت لك عن ذنوبهم، وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولون من ذريتك وجعلتهم في زمرتك، وأوردتهم حوضك، وقبلت شفاعتك فيهم، وأكرمتك بذلك».
يتبع…
______________