كشكول الوائلي _ 100

img

المقدمة الثالثة: في حجم علي عليه السلام الذي منحته إياه السماء

هناك من يطعن فيما حُبي به أمير المؤمنين عليه السلام من فضائل ومناقب وكرامات ومعاجز، وما حبته بها إلاّ السماء، وما حبته به إلاّ لِما أعطى للإسلام وقدّمه في

سبيل إعلاء كلمته. وهذا الطعن يستند إلى القول بأننا بالغنا في تضخيم علي عليه السلام وتضخيم مناقبه ومواقفه؛ لأننا ننظر إليه بعين تختلف عن العين التي ننظر بها للآخرين، ونراه بنظرة غير تلك التي نرى بها غيره. فنحن نلوّنه بعيوننا، وعيون الوراثة التي عشنا نحملها هي التي تجعلنا نقول هذا ونراه فيه، وبأننا نقول فيه كما قال الشاعر:

لا عذب الله اُمّي إنها شربت ***  حبّ الوصي وغذّتنيه باللبنِ

وكان لي والد يهوى أبا حسن *** فصرت من ذي وذا أهوى أبا حسنِ(1)

أما غيركم فيراه بالعين الطبيعية، وبالتالي فهو يراه بحجمه الطبيعي، دون أن يمنحه ما تمنحونه إياه من ألقاب وكرامات وغيرها.

حديث عبادة الثقلين

ونقول لهذا المعترض: ألم تسمع أو تقرأ عن نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وآله عندما برز أمير المؤمنين إلى قتال عمرو بن ودّ العامري حيث رفعه فوق الثقلين بقوله: «واللّه‏ لضربة علي عليه السلام لعمرو ابن عبد ودّ تعدل عبادة اُمّتي إلى يوم القيامة»(2)؟ فعندما يقرأ امرؤ هذه العبارة أو يسمعها من الرسول صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام يجد أن هذا تقييم موضوعي لم ينبع من عاطفة أبداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله لا ينطق عن الهوى (3) أبداً. فكيف يمكن أن يفسّر هذا المعنى إلاّ بما نعطيه لعليّ عليه السلام وهو عين ما أعطته إيّاه السماء على لسان أمينها في الأرض نبيّنا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله (4)؟ وهذا الحديث ترويه كتب المسلمين عامّة.

يتبع…

________________

(1) نور البراهين 1: 36.

(2) اختيار معرفة الرجال 1: 257، عوالي اللآلي 4: 86 / 102، ينابيع المودّة 1: 412 / 5.

(3) قال تعالى: « وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى » النجم: 3 ـ 4.

(4) قال رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله مخاطبا أمير المؤمنين عليه السلام : «من مات يحبّك بعد موتك ختم اللّه‏ له بالأمن والإيمان، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهليّة وحوسب بما عمل في الإسلام». مسند أبي يعلى 1: 403 / 528، كنز العمّال 11: 611 / 32955، 13: 159 / 36491.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة