بحث حول صفة الإخبات ـ 2

img

وتحدثت الروايات عن صفة المخبتين ووصفتهم بما يلي:

١) إنَّ للمخبتين إنابة أي رجوع: روي في بحار الأنوار ج٩٥ ص٤٢ ورد في ((اللهم ارزقني فيه طاعة الخاشعين وأشعر فيه قلبي إنابة المخبتين بأمنك يا أمان الخائفين))

٢) إنَّ قلوب المخبتين والهة مشتاقة لله: ورد في الدعاء المأثور: ((اللهم إنَّ قلوب المخبتين إليك والهة))

وقد فسَّر الخليل الفراهيدي في كتابه معجم العين ج٤ ص٨٨ قال: ((وَلَه: الوله ذهاب العقل والفؤاد من فقدان حبيب))

وقد جاء في مجمع البحرين ج٦ ص٣٦٧ ورد في الحديث: ((لو حننتم حنين الوله الوله العجال لكان في جنب الله قليلا))

فإنَّ قلوب المخبتين هي القلوب التي ولهت في الله ولكي نصل إلى هذا المقام لايد أن نكون من المسلمين للقضاء والقدر ولا نحزن لما فات ولا نفرح بما أتانا الله.

٣) إنَّ صفة الإخبات يطلبها أولياء الله: روي في مستدرك الوسائل ج٤ عن زُر بنِ حُبَيش قال: ((قرأتُ القرآن من أوله إلى آخره في المسجد الجامع بالكوفة على أمير المؤمنين عليه السلام فلما بلغت الحواميم قال لي أمير المؤمنين عليه السلام: قد بلغتَ عرائس القرآن. قال زر بن حُبيش: فلما بلغت رأس العشرين من حمعسق والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير. بكى أمير المؤمنين عليه السلام حتى علا نحيبه ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: يا زُرْ أَمِّنْ على دعائي ثم قال: اللهم إني أسألك إخبات المخبتين))

إذن تسليم المخبتين يطلبه أمير المؤمنين عليه السلام.

ويمكننا تطبيق صفات المخبتين على حياة الإمام زين العابدين عليه السلام فيما يلي:

١) تواضع الإمام السجاد عليه السلام: كان تواضعه في جميع النواحي والمجالات:

أ) في إرشاداته: من جملة كلمات الإمام السجاد عليه السلام حول التواضع أنه قال: ((لا تمتنع من ترك القبيح وإنْ كنتَ قد عُرِفتَ به، ولا تزهد في مراجعة الجميل وإنْ كنت قد شُهرت بخلافه، وإياك والرضا بالذنب فإنه أعظم من ركوبه، والشرف في التواضع والغنى في القناعة))

ب) مع الفقراء والمساكين: من تواضعه أنه عليه السلام كان يحب أنْ يحضر معه على سفرة الطعام اليتامى والمكفوفين والمعاقين والمساكين وكان كثيرا ما يطعمهم بيده

ج) في مشيه في الطريق: كان عليه السلام إذا سار بين الناس يمشي على هوان وتواضع بحيث لو نظره الناظر نظرة عابرة لا يفرقه بين عامة الناس.

د) في سفره مع الرفقة: كان زين العابدين لا يسافر إلا مع رفقة لا يعرفونه ويشترط عليهم أن يخدمهم فيما يحتاجون إليه، وفي ذات مرة سافر مع قوم فرآه رجل فعرفه فقال لهم: أتدرون مَنْ هذا؟ قالوا: لا قال: هذا علي بن الحسين عليه السلام فوثبوا فقبَّلوا يده وقالوا: يا بن رسول الله أردت أن تصلينا نار جهنم لو بدرت منا إليك يدا أو لسانا أما كنا قد هلكنا آخر الدهر فما الذ يحملك على هذا؟ فقال عليه السلام: إني كنتُ سافرتُ مرة مع قوم يغرفونني فأعطوني برسول الله صلى الله عليه وآله ما لا أستحق فإني أخاف أنْ تعطوني مثل ذلك فضار كتمان أمري أحب إلي))

٢) عبادة الإمام السجاد عليه السلام: ويتجلى في عبادته عدة أمور:

أ) عبادته عبادة الشاكرين: روي في تفسير العسكري ص١٣٢ قال الإمام السجاد عليه السلام: ((إني أكره أن أعبد الله ولا غرض لي إلا ثوابه فأكون كالعبد الطامع إنْ طمع عمل وإلا لم يعمل وأكره أن أعبده لخوف عذابه فأكون كالعبد السوء إنْ لم يخف لم يعمل فانبرى إليه بعض الجالسين فقال له: فبم بعبده؟ فأجابه: أعبده لما هو أهله))

ب) عبادته تتصف بالخشوع: روي في كتاب الإتحاف بحب الأشراف ص٤٩ قال: ((إذا أراد الإمام زين العابدين عليه السلام الوضوء اصفرَّ لونه فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فأجابهم: أتدرون بين يدي مَنْ أقوم؟))

ج) عبادته كانت عن معرفة: لذا كان في صلاته يمثل الانقطاع التام والاستغراق في ذات الله تعالى.والتجرد التام عن الماديات فكان لا يحس بشيء حوله بل لا يحس بنفسه وبلغ من شدة تعلقه بالله ما رواه الشيخ المجلسي في بحار الأنوار ج٤٦ ص٩٩ قال: ((سقط ولدٌ للإمام زين العابدين عليه السلام في بئر ففزع أهل المدينة فأنقذوه، وكان الإمام عليه السلام قائما في محرابه يصلي، ولم يشعر بذلك، ولما انتهى من صلانه قيل له ما جرى فقال عليه السلام: ما شعرتُ إني كنتُ أناجي ربا عظيما))

٣) تسليمه لله في جميع الأمور: فكان صابرا محتسبا مُسَلِّما لله أموره.

وصلى الله على محمد وآل محمد

كتب البحث / حسين اسماعيل

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة