الفتنة ـ 1

img

تقديم: أم إبراهيم الحايك

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) آمنا بالله صدق الله العلي العظيم

حديثنا سيكون عن الفتنة وذلك من خلال ثلاث مطالب:

المطلب الأول: معنى الفتنة

المطلب الثاني: انواع الفتنة

المطلب الثالث: شبهه والرد عليها

الحياة خليط من الحق والباطل وهنا تكمن فتنة الإنسان وامتحانه فعلى المؤمن أن يعرف الحق والباطل في الحياة ويميز بينهما. وقد وردت مفردة الفتنة في القرآن الكريم عشرات المرات وبمعان مختلفة فتارة بمعنى الامتحان وتارة بمعنى المكر والخديعة وتارة بمعنى البلاء والعذاب وتارة بمعنى الضلال. ولكن الظاهر أن جميع هذه المعاني المذكورة للفتنة تقود إلى أصل واحد كما ورد في اللغة.

أصل معنى الفتنة في اللغة

الإختبار والامتحان والابتلاء. تقول فتن الذهب.

وذكر بن منظور في لسان العرب نقلا عن الازهري قال: إن أصل هذه الكلمة جاء من أين؟ جاء من اختبار هذا المعدن (الذهب والفضة) وكانوا يعرضون الذهب والفضه لحرارة النار كي يعرفوا أن هذا المعدن حقيقي ام مغشوش وبالتالي هذا يسمونه فتنة يعني عملية اختبار ثم بعد ذالك اصبح يستعمل في المعنى الاوسع بحيث إن كل اختبار خارج نطاق المعادن صار يطلق عليه فتنة. وإليه اشارت الآية الكريمة في سورة العنكبوت بقوله تعإلى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون) ويظهر المعنى في ما روي عن الإمام الرضا (ع) عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن يقول “(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون) ثم قال لي ما الفتنة؟ قلت جعلت فداك الذي عندنا الفتنة في الدين. قال يفتنون كما يفتن الذهب: يخلصون كما يخلص الذهب. ثم قال: فكما الذهب يمحص بالنار كذالك الناس لابد لهم من تمحيص (افتتان) ليظهر صدقهم او كذبهم في دعوى الإيمان بقرينة قوله تعإلى (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)” إذ لا يكفي مجرد دعوى الإيمان… لذا أنكر الله عليم الإيمان باللسان مجردا من الإيمان العملي وهذا ظن منهم يتحقق الإيمان ويؤكد ذالك الاستفهام الانكاري في الية الكريمة (أحسب) اي ينكر على الناس من ظن أن اليمان غير مسبوق بالفتنة.

فبالإبتلاء يعرف معدن الإيمان وتقاس به مرتبة العبد وفي ذالك مما اوصى به لقمان الحكيم ابنه “يابني الذهب يجرب بالنار والمؤمن يجرب بالبلاء وبه فضل الله أنبيائه وصفوته على غيرهم.

أشد بلاء النبياء ثم الاوليياء فالأمثل فالأمثل وبه فاضل الله بين انبيائه فكان الخاتم اشد بلاء “ما اوذي نبي كما اوذيت

ادعاء الإيمان سهل ولكن يحتاج إلى دليل وحجة (يقولوا امنا) يدعو الإيمان.

هل كافي فقط مقدار ادعاء الإيمان ؟ الإنسان يقول انا انتمي للدين الاسلامي هل هذا المقدار كافي؟ او يقول انا انتمي لاهل البيت ؟ او انا اقول بولايتهم هذا المقدار كافي ام لا؟

البعض ييريد الحق ويدعي انه مع الحق لكن لايريد ان يواجه ويجاهد لذالك كتبوا للإمام الحسين لكن لم ينصروه.

هنا لابد من لاختبار (ولقد فتنا) المقصود بالفتنة المختبر الذي تظهر به حقائق النفس (ولقد فتنا الذين من قبلهم) هذا الاختبار والابتلاء يشمل الجميع الامم السابقة والاجيال القادمة (ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) إذا الفتنة سنة إلهيه جارية جرت على الامم السالفة وتجري على الامم المتعاقبة فهي سنة ابتلاء ثابته لا يجري عليها تحويل او تبديل بل تتكرر مع مرور الزمن وتعاقب الاجيال.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة