قصيدة عينية رائعة تحاكي عينية الجواهري..

img
أشعار 0 ----

للشاعر الكبير الاستاذ جاسم الصحيح

حملـتُ جنـازةَ عقلـي معـي *** وجِئْـتُكَ فـي عاشـقٍ لا يعـي

أحسُّـكَ ميـزانَ مـا أدَّعـيـهِ *** إذا كـان فـي اللهِ مـا أدَّعـي

أَقيـسُ بِحُبِّـكَ حجـمَ اليقـيـنِ *** فحُبُّـكَ فيمـا أرى مـَـرجِـعـي

خَلَعتُ الأساطيـرَ عنّـي سِـوى *** أساطيـرِ عشقِـكَ لـمْ أخـلَـعِ

وغِصتُ بِجُرحِكَ حيثُ الشموسُ *** تهـرولُ فـي ذلـك الـمَطـلَـعِ

وحيثُ (المثلَثُ) شـقَّ الطريـقَ *** أمامـي إلـى العالَـمِ الأرفَـعِ

وعلَّمَنـي أن عشـقَ الحسيـنِ *** انكشافٌ علـى شَفـرةِ المبضَـعِ

فعَرَّيْتُ روحي أمـامَ السّيـوفِ *** التـي التَهَمَتْـكَ ولَـم تَشـبَـعِ

وآمنتُ بالعشـقِ نبـعَ الـجُنـونِ *** فقد بَـرِئَ العشـقُ مِمَّـنْ يَعـي!

وجئتُكَ فـي نَشـوةِ اللاعقـولِ *** أجـرُّ جنـازةَ عقلـي مـعـي

أتيتُـكَ أفتِـلُ حبـلَ الـسـؤالِ *** متى ضَمَّك العشقُ في أضلعـي؟!

عَرَفْتُكَ في (الطَلقِ) جـسرَ العبورِ *** مـن الرَّحْـمِ للعالَـمِ الأوسَـعِ

ووَالِدَتي بِـكَ تحـدو المخـاضَ *** علـى هَـوْدَجِ الأَلَـمِ المُمْـتِـعِ

وقد سِـرْتَ بِـي للهوى قَبلَمـا *** يسيرُ بِـيَ الجـوعُ للمرضَـعِ

لَمَسْتُكَ في المهـدِ دفئَ الحنـانِ *** علـى ثـوبِ أُمِـيَ والملفَـعِ

وفي الرضعةِ البِكْرِ أنتَ الـذي *** تَقاَطَـرْتَ فـي اللَبَـنِ المُوجَـعِ

وقبلَ الرضاعةِ قبلَ الحليـبِ *** تَقاطَـرَ إِسْمُـكَ فـي مَسْمَعـي

فأَشْرَقْتَ في جوهَـري ساطِعـاً *** بِما شَـعَّ مـن سِـرِّكَ المـودَعِ

بكيتُـكَ حتَـى غسلـتُ القِمـاطَ *** على ضِفَّتَيْ جُرْحِـكَ المُشْـرَعِ

وما كنتُ أبكيـكَ لـو لـمْ تَكُـنْ *** دمـاؤُكَ قـد أيقظَـتْ أدمُعـي

كَبُرْتُ أنـا.. والبكـاءُ الصغيـرُ *** يكبـرُ عبْـرَ الليالـي مـعـي

ولم يبقَ في حَجـمِ ذاك البكـاءِ *** مَصَـبٌّ يلـوذُ بــهِ منبـَعـي

أنا دمعـةٌ عُمْرُهـا (أربعـونَ) *** جحيمـاً مِـنَ الأَلـمَ المُـتْـرَعِ

هنا في دمي بَـدَأَتْ (كربـلاءُ) *** وتَـمَّتْ إلـى آخِـرِ المصـرَعِ

كأنّـكَ يـومَ أردتَ الـخـروجَ *** عبرتَ الطريقَ علـى أَضْلُعـي

ويومَ انْحَنَىَ بِـكَ متـنُ الجـوادِ *** سَقَطْتَ، ولكـنْ علـى أَذْرُعـي!

ويـومَ تَوَزَعْـتَ بيـنَ الرِّمـاحِ *** جَمَعْتُـكَ فـي قلبـيَ المُـولَـعِ

فيـا حـاديـاً دَوَرانَ الإبــاءِ *** علـى مِـحـوَرِ العالَـمِ الطيِّـعِ

كفـرتُ بكـلِّ الجـذورِ التـي *** أصابَتْـكَ رِيـاً ولــم تُـفْـرِعِ

أَلَسْـتَ أبـا المنجبيـنَ الأُبــاةِ *** إذا انْتَسَـبَ العُـقْـمُ للخُـنَّـعِ؟!

وذكراكَ فـي نُطَـفِ الثائريـنَ *** تهـزُّ الفحولـةَ فـي المضجَـعِ

تُطِلُّ على خاطـري (كربـلاءُ) *** فتخـتَصِرُ الكـونَ فـي مَوضِـعِ

هنا حينمـا انتفـضَ الأُقحـوانُ *** وثـار علـى التُربـةِ البَلـقَـعِ

هنا كنتَ أنـتَ تمـطُّ الجهـاتِ *** وتنمـو بأبعـادِهـا الأربَــعِ

وتحنو على النهرِ، نهرِ الحياةِ *** يُحـاصـرُهُ ألــفُ مستَنـقَـعِ

وحيـنَ تناثـرَ عِقْـدُ الـرِفـاقِ *** فـداءً لـدُرَّتِـهِ الأنـصَــعِ

هنا لَـبَّـتِ الريحُ داعي (النفيـرِ) *** وحَجَّتْ إلى الجُثَثِ الصُـرَّعِ

فَما أَبْصَـرَتْ مبدِعاً كالحسيـنِ *** يخـطُّ الحيـاةَ بـلا إصـبـعِ!

ولا عاشقـاً كأبـي فـاضـلٍ *** يجيـدُ العِـنـاقَ بــلا أَذرُعِ!

ولا بطَـلاً مثلـمـا عـابـسٍ *** يهـشُّ إذا سـارَ للمَـصـرَعِ!

هنـا العبقريَـةُ تلقـي العِـنـانَ *** وتهبِـطُ مـن بُرجِهـا الأرفَـعِ

وينهارُ قصـرُ الخيـالِ المهيـبُ *** علـى حيـرةِ الشاعـرِ المبـدِعِ

ذكرتُكَ فانسـابَ جيـدُ الكـلامِ *** علـى جهـةِ النـشـوةِ الأروعِ

وعاقـرتُ فيـكَ نـداءَ الحيـاةِ *** إلـى الآنَ ظمـآنَ لـم ينـقـعِ

وما بَرِحَ الصوتُ: «هلْ مِن مُغيث» *** يدوّي.. يـدوّي… ولـم يُسْمَـعِ

هنا في فمـي نَبَتَـتْ (كربـلاءُ) *** وأسنانُهـا الشـمُّ لَــم تُقـلَـعِ

وإصبعُـكَ الحـرُّ لَـمّا يَــزَلْ *** يـُديـرُ بأهـدافِـهِ إصبـعـي

فأحشـو قناديـلَ شِعـري بمـا *** تَنَـوَّرَ مـن فَتحِـكَ الأنـصَـعِ

وباسمِكَ أستنهـضُ الذكريـاتِ *** الحييّاتِ مـن عُزلَـةِ الـمَخْـدَعِ

لَعـلَّ البطولـةَ فـي زَهْـوِهـا *** بِيَوْمِـكَ، تأتـي بـلا بُـرقُـعِ

فأصنـعُ منهـا المعانـي التـي *** على غيـرِ كفَّيـكَ لـمْ تُصنَـعِ

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة