شعراء القطيف (المرهون)
العلاّمة الشيخ علي القديحي
المتوفّى سنة ( 1340 )
وفي هلال محرم يقول رحمه الله راثيا للحسين عليه السلام:
هلّ المحرم فاخلع حلة الطربِ *** والبس به حلل الأرزاء والكربِ
واحرم وطف كعبة الأحزان منتحرا *** هدي السرور مدى الآ باد والحقبِ
وعرف المشعر الأقصى جماد جوى *** وحسر القلب بالتزفار واللهبِ
واقطع منى النفس وانحر هدي شهوتها *** وطف وحلّ ببيت الحزن والنصبِ
وقم بواجب حق الآل فيه لهم *** وعزِّ فيه رسول العجم والعربِ
وعزِّ حيدرة الهادي وفاطمة *** بنت الرسول بما قاساه من نصبِ
وعزِّ فيه الفتى الزاكي وعترته *** والرسل والدين والأملاك في الحجبِ
بما اُصيبوا به في نسل فاطمة *** أهل المعالي وأهل الفخر والرتبِ
لاسيما الوقعة الكبرى التي عقمت *** اُم الخطوب لها في سائر الحقبِ
فقد اُصيبوا بيوم الطف واقعة *** لم يحتملها نبي أو وصي نبي
غداة جاء أبو زين العباد إلى *** أرض البلاء وأرض الكر والكربِ
في فتية من بني الكرار حيدرة *** بيض الوجوه كرام الغرّ والحسبِ
قوم لهم شرف العلياء من مضر *** ينميهُمُ للمعالي أشرف النسبِ
وصفوة من كرام الناس قد ضربوا *** على المعالي قباب المجد والطنبِ
زعيمهم سيد السادات خير فتى *** ينميه إما نبي أو وصي نبي
ذاك الحسين أبيّ الضيم قائدهم *** أكرم به من زعيم قائد وأبي
حتى إذا حل في أرض البلاء غلت *** مراجل الحرب من طعن ومن لهبِ
قامت على ساقها الحرب الضروس ضحى *** وأسفرت عن محيا كالح غضبِ
فصادمتها ليوث الكرّ من مضر *** شم العرانين من أهل ومن صحبِ
فكلما استعرت نار الحروب خبوا *** نيرانها بسيوف الهند والقضبِ
وكلما أسفرت عن وجه ذي غضب *** مشوا إليها بوجه البشر لا الغضبِ
وكلما نكصت أبطالها قدموا *** كأنما استقبلوا خودا على نجبِ
وكلما سجعت ورق السيوف على *** هام الكماة أجابوا السجع بالطربِ
وكلما التهبت أكبادهم عطشا *** ترشفوا من دم الأعدا عن اللهبِ
وجاهدوا دون مولاهم وسيدهم *** وكابدوا أعظم الأرزاء والكربِ
وحافظوا عن ذمام المصطفى وقضوا *** إلى المعالي حقوق المجد والحسبِ
حتى هووا في عراص الطفّ قاطبة *** فوق الصعيد على الكثبان والهضبِ
وظل فخر الهدى والدين بعدهُمُ *** بلا حمي سوى الهندية القضبِ
يدعو إلى اللّه قوما خاب سعيهُمُ *** بواضح الحجّة البيضا بلا كذبِ
ومذ رأى أنهم عمي القلوب نضا *** عضبا من البيض لا عضبا من الغضبِ
وكرّ يختطف الأرواح صارمه *** والفيلق اللجب قد أشفى على العطبِ
والسبط في زجل والقوم في وجلِ *** قد عوّلوا دون لقياه على الهربِ
والشمس غابت وشمس البيض قد طلعت *** والنقع ثار فلا ضوء سوى اللهبِ
والشوس منهم سجود لا قيام لها *** أو نكص منه قد ولّت على العُقُبِ
عذرا إذا نكصوا منه فلا عجب *** أليس سم العِدا الهادي له بأبي
حتى إذا حان أن يلقاه خالقه *** جم الفضائل حاوي أشرف القربِ
مجاهدا في سبيل اللّه ممتثلاً *** ما قد قضاه له من أكرم الرتبِ
وقاضيا كلّ حقّ للعلا كملاً *** قضاء حق كريم للضيوف أبي
وافاه ذو شعب في قلبه فهوت *** شمس العلا مذ هوى المولى على التربِ
فصار ما صار من حزّ الوتين ومن *** حمل الكريم عى العسالة السلبِ
فأظلم الكون من شمس ومن قمر *** ومن سماء ومن أرض ومن شهبِ
والدين أعول والأملاك تندبه *** والرشد من بعده في الثكل والحربِ
والحق حق بأن ينعاه من أسف *** لأنه للهدى والحق خير أبِ
والشمس في كسف والبدر في كلف *** والأرض في رجف والناس في ندبِ
وكاد أن يخسف اللّه البسيط بما *** عليه من كل موجود من الغضبِ
لولا بقيته زين العباد مع الـ *** آل الكرام عليه مانع السببِ
وإن نسيت فلا أنسى كرائمه *** كرائم الوحي في سبي وفي سلبِ
عقائل من بنات المصطفى برزت *** مروعات من الأستار والحجبِ
مسلبات بدت لكنها بزغت *** أنوارها فكستها عن أذى السلبِ