شعراء القطيف (المرهون)

img

{34} الشيخ عبد علي الماحوزي

المتوفّى سنة ( 1337 )

هو الفاضل الشيخ عبد علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد علي بن حسين ابن جعفر الماحوزي. أحد اعلام القرن الرابع عشر الذين خدموا الدين وأله، وأدّوا رسالتهم كما يجب، من اُسرة شريفة عريقة في النسب، المنتهية إلى أحد القبائل العربية الطائرة الصيت. وآل الماحوزي أحد اُولئك القبائل التي نزحت من أوطانها في البحرين قبل قرنين من السنين تقريبا إلى القطيف، واتّخذوها مسكنا لهم، فاطمأنت بهم الدار، فحمدوا أمرهم بمسكنهم الجديد الذي نبغ فيه منهم العلماء والفضلاء، والاُدباء والشعراء، وآثارهم تدل على ذلك. ويوجد منهم الآن أفراد كثيرون جلّهم ـ بل كلّهم ـ من رجال الخير، يسكنون قرية الدبابية والكوكب (كثر اللّه‏ من أمثالهم، ورحم اللّه‏ الماضين منهم).

ومن بينهم المترجم الذي نظم في مدح أهل البيت عليهم السلامفأبدع، ومن ذلك ما نظمه في حديث الكساء، غير أنه لم يتحصّل منه على مرّ السنين والأعوام إلاّ ثلاثة وثلاثون بيتا. ونظرا لعدم تماميته؛ التمس ذووه وأفاده من الاُستاذ الشيخ فرج العمران ليكمله ؛ ليكون ذكرى للجميع. فهاكه لماضٍ ومعاصر، داخلاً تحت عنوان قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى[1]﴾:

حديث الكساء

أفتتح الكلام باسم الخالقِ *** مصليا على النبي الصادقِ

وآله الأطهار سادة الورى *** ما حلّ في السماء نجم وسرى

يقول راجي العفو يوم يذهلُ *** يوم ترى العباد فيه تعولُ

أقل خلق اللّه‏ علما وعملْ *** أكثرهم خطا وذنبا وزللْ

عبد علي الأسير الجاني *** أنقذه اللّه‏ من النيران

وبعد فالإنسان في دار العنا *** لا زال فيها بالبلا ممتحنا

أعني به الجماع للوصف الحسنْ *** لا كلّ فرد يبتلى ويمتحنْ

بل الذي قد حاز علما وتقى *** وللمعالي بالكمال قد رقى

ذاك الذي يحبه اللّه‏ ومنْ *** يحبّه فهو حقيق بالمحنْ

وأسأل اللّه‏ بأن يهديَني *** متّكلاً عليه أن يعينني

في رحلتي في سفر وفي حضرْ *** أذكر فيها ما جرى من القدرْ

روى الثقات من رواة الخبرِ *** خير حديث مسند معتبرِ

عن أفضل النساء ذات المحنِ *** فاطمة الزهراء اُم الحسنِ

قالت عليها أفضل السلامِ *** بينا أنا يوما من الأيامِ

في منزلي إذ بالنبي قد دخلْ *** أبي رسول اللّه‏ خاتم الرسلْ

فقال يا فاطم إني لأجدْ *** في بدني آثار ضعف لم يحدْ

فقلت باللّه‏ أبي اُعيذكا *** من كل ضعف وأذى يؤلمكا

فقال يا فاطم ياست النسا *** مسرعة قومي وهاتِ لي الكسا

بلا توانٍ وبه غطيني *** ثم اسألي اللّه‏ بأن يشفيني

فقالت الحوراء ثم جئته *** بما أراد وبه غطيته

فصرت نحوه اُكرر النظرْ *** ووجهه كالبدر في الرابعْ عشرْ

فما مضى إلا قليل من زمنْ *** إذ جاءنا مسلّما اِبني الحسنْ

فقال يا اُم أشم منك *** رائحة طيبة كالمسك

كأنها رائحة المختارِ *** جدي رسول الملك الجبارِ

قلت نعم جدك وهو نائمُ *** تحت الكسا فجاء وهو العالمُ

سلم ثم قال يا جداهُ *** يا من به شرّفنا الإلهُ

تأذن لي أدخل يا جدي معك *** تحت الكسا فقال قد أذنت لك

قالت عليها أفضل الثناءِ *** ثم أتى الحسين في الأثناءِ

فقال يا اُمّ أشم رائحهْ *** طيبة عندك وهي فائحهْ

كأنها رائحة المسك الندي *** أظنها أنفاس جدّي أحمدِ

قلت نعم تحت الكسا مع الحسنْ *** أخيك جدك النبي المؤتمنْ

فجاء نحو جده مستبشرا *** وقال يا جداه يا خير الورى

صلى عليك اللّه‏ ثم سلّما *** ما سار كوكب وحل في السما

يا جد هل تأذن لي أن أدخلا *** تحت الكسا قال ادخلن مبجّلا

فما مضى إلا قليل إذ أتى *** مسلّما حيدرة الطهر الفتى

فقلت يا أباالحسين والحسنْ *** صلى عليك اللّه‏ ما دام زمنْ

فقال يا اُم الكرام البررهْ *** أشم في بيتك ريحا عطرهْ

كأنها ريح النبي المصطفى *** أشرف من له المهيمن اصطفى

قالت له ست النساء فاطمُ *** تحت الكسا والحسنين نائمُ

فجاء نحو ذلك الكسا الذي *** منه فشت روائح المسك الندي

مسلما على النبي الفاضلِ *** مستأذنا قال له ادخل يا علي

وبعد ذا ست النسا أتت إلى *** نحو الكسا تبدي السلام أولا

تطلب إذنا من أبيها الهادي *** قال ادخلي والدة الأمجادِ

فاكتملوا خمستهم تحت الكسا *** عليهُمُ الصلاة صبحا ومسا

فعند ذاك خالق الأفلاك *** سبحانه قد قال للأملاك

وعزتي ملائك السماء *** وقدرتي أن ليس من سماءِ

مبنية ولم تكن أرض ترى *** مدحية ولا لكون قمرا

وما خلقت شمسها المنيرهْ *** والفلك الدوار لن اُديرهْ

وما خلقت البحر والفلك التي *** تجري إلى نفع الورى برحمتي

إلاّ لحبّ من حواهُمُ الكسا *** ومن هُمُ كانوا لأرض حرسا

فقال جبريل الأمين ربنا *** ومن هُمُ قال الكرام الاُمنا

ومن هُمُ بيت النبوة العلي *** كانوا له أهلاً وفضلهم جلي

وللرسالة اغتدوا معادنا *** من قبل أن اُنشي بصنعي كائنا

هم فاطم والمصطفى النبيُّ *** والدها وبعلها عليُّ

والحسنان السيدان ابناها *** ورحمتي تخصّ من والاها

فقال هل تأذن لي يا ذا الكرمْ *** أهبط سادسا لهم قال نعم

فجاءهم نحو الكسا الذي سما *** على النبي المصطفى مسلما

يقول إن خالق البريهْ *** يقريكمُ السلام والتحيهْ

وهو يقول قدست أسماهُ *** مخاطبا لساكني سماهُ

منوّها بفضلكم أهل الرضا *** ثم أعاد جبرئيل ما مضى

وقال هل لي بالدخول أذن *** أيا رسول اللّه‏ هل لي تأذن

قال بلى فعند ذاك دخلا *** وآية التطهير ﴿ إِنَّمَا[2]﴾ تلا

قال علي ما لذا الجلوسِ *** من الكرامات لدى القدّوسِ

فقال والذي اصطفاني يا علي *** ما كان محفل من المحافلِ

محافل الشيعة ذكر ذا الخبرْ *** جرى به إلاّ وخالق البشرْ

عليهُمُ الرحمة فيه اُنزلا *** وعمّهم يجوده تفضّلا

وحفت الملائك الكرامُ *** بهم لهم تحرس ما استقاموا

يستغفرون الواحد المنّانا *** لهم ويسألونه الجنانا

قال علي نحن والشيعة قدْ *** فزنا ورب الكعبة الفرد الصمدْ

فقال خير الأنبياء مقسما *** بالقسم الذي مضى واِعلما

ما فيهُمُ مهموم إلاّ فرجا *** ذو العرش همه ونال الفرجا

وما بهم مغموم إلاّ وكشفْ *** عنه الإله الغمّ والضرّ انكشفْ

وليس فيهم طالب لحاجهْ *** إلاّ له قضى الإله الحاجه

فقال حامي حوزة الإسلام *** إذن وربّ البيت والمقامِ

فزنا كذا أشياعنا قد فازوا *** فوزا عظيما والجنان حازوا

وقد سعدنا في ذه الدنيا وفي *** دار الخلود بعظيم الشرفِ

فيا إلهي اختم لنا بالحسنى *** واسلك بنا إلى المقام الأسنى

وحين فاح مسك ختمها الندي *** فعطّر الكون بعطر جيّدِ

سميتها يا صاح مفتاح الفرجْ *** أرجو بها تنحلّ عنيَ الرتجْ

ثم الصلاة والسلام العالي *** على النبي المصطفى والآلِ

_______________

[1] المائدة: 2.

[2] الأحزاب: 33.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة