شعراء القطيف (المرهون)

img

{31} الشيخ حسن علي البدر

توفّي سنة ( 1334 )

هو العلاّمة الحجّة الشيخ حسن علي ابن الشيخ عبد اللّه‏ بن محمد بن علي بن عيسى بن بدر القطيفي. كان مولده سنة ( 1278 ) في النجف الأرف، مستودع العلم ومنهل الأب وحظيرة التفكير، ونشأ بها وترعرع في أرحبة العلم والشرف، وتفيّأ ظل والده المغفور له، فقد كان من مشاهير عصره علما وفقها وتحقيقا. ومن هذا النمير الصافي نهل مترجمنا، غير أن الأدار أبت عليه أن يبلغ الغاية منه ؛ إذ فوجئ بفقده في أّام صباه، الأر الذي خلق له عرقلة لم تكن بالحساب، غير أنه صمد لها ولأمثالها من الكوارث، فواصل عمله بهبوطه إلى وطنه القطيف، وتلمذ على يد أعلامها كالشيخ علي القديحي وأثاله. ولم يزل حتى بلغ الغاية القصوى، وإذا هو ذلك المجتهد الكبير والمصلح العام، ثم كر راجعا إلى النجف الاشرف، وبقي مدة مواصلاً للطلب بين درس وتدريس وتأليف، حتى طلبه عمّه إلى القطيف.

وبعد أن تزوج بإحدى أكفائه توجه إلى مكة لأداء فريضة الحج، وبعده أبحر من مكة المكرمة إلى النجف الأرف من طريق جدة، ولا زال موئلاً لرواد العلم والحقائق، مستقلاًّ بحوزة علمية ؛ لما كان عليه من النضوج
العلمي والورع والتقى والصلاح. وقد ارتوى من نمير علمه الصافي كثيرون من رواد العلم والحقائق كوالدنا المرحوم، والشيخ حسين القديحي وأمثالهما.

توفّي رحمه الله بالكاظمية سنة ( 1334 )، ودفن في جوار الكاظميين عليهماالسلام، وكان رحمه اللهيقول الشعر بالمناسبات، وأكثره في أهل البيت عليهم السلام ومنه ما تراه بين يديك في قصائد أولها:

في رثاء الحسين عليه السلام

ومن ينظر الدنيا بعين بصيرة *** يجدها أغاليطا وأضغاث حالمِ

ويوقظه نسيان ما قبل يومه *** على أنها مهما تكن طيف نائمِ

ولكنها سحّارة تظهر الفنا *** بصورة موجود بقالب دائمِ

ولا فرق في التحقيق بين مريرها *** وما يدّعى حلوا سوى وهم واهمِ

فكيف بنعماها يُغرّ أخو حجا *** فيقرع أن فاتت لها سن نادمِ

وهل ينبغي للعارفين ندامة *** على فائت غير اكتساب المكارمِ

وما هذه الدنيا بدار استراحة *** ولا دار لذّات لغير البهائمِ

على قدر بعد المرء منها ابتعاده *** عن الروح واللذات ضربة لازمِ

ألم ترِ آل اللّه‏ كيف تراكمت *** عليهم صروف الدهر أي تراكمِ

أما شرقت بنت النبي بريقها *** وجرّعها الأعداء طعم العلاقمِ

(أما قتل الكرار بغيا بسيف من *** بغى وطغى فيما أتى من مآثمِ

عدوّ إله العالمين ابن ملجم *** وأشقى جميع الناس من دور آدم)

ألم يعد الزاكي ابنه وهو ملجأ *** إلى سلم حرب وهو غير مسالمِ

أما هجموا فسطاطه وتناهبوا *** به رحله نهب الغزاة لمغنمِ

أما دسّت الأعدا له السم غيلة *** فألقى به في الطشت قلب المكارمِ

أما رشقوه النبل وهو جنازة *** على النعش لا بل فوق هام النعائمِ

وإن أنسَ لا أنسَ الحسين وقد غدا *** على رغم أنف الدين نهب الصوارمِ

قضى بعدما أسود النهار بعينه *** على خير صحب من ذؤبة هاشمِ

قضى بعدما ضاقت به سعة الفضا *** فضاق له شجوا فضاء العوالمِ

قضى فامتلا الإمكان من ليل فقده *** حنادس غمّ أقعدت كلّ قائمِ

قضى وهو حرّان الفؤاد من الظما *** على غصص فيها قضى كل هاشمي

فما لنزار لا تقوم بثارها *** فترضع حربا من ضروع اللهاذمِ

وتملأها خيلاً تسابق طرفها *** على آل حرب تحت اُسد ضراغمِ

فتوطئ هاتيك السنابك هامهم *** كما أوطؤوها صدر سيد هاشمِ

هل استبدلت باللطم فوق وجوهها *** من الضرب بالأسياف وجه الضياعمِ

وهل رضيت عن سفك آل اُمية *** دماها بإجراء الدموع السواجمِ

هبوا القتل فيكم سيرة مستمرة *** فهل عرفت كيف السبا ابنة فاطمِ

وما لنسا أنتم حماة خدورها *** وللسبي حسرى الوجه فوق الرواسمِ

أهان عليكم أنها بين شامت *** يروّعها شأن وآخر لاطمِ

أهان عليكم أنها اختلفت على *** مقانعها الأيدي كسبي الديالمِ

أهان عليكم هجمة الخيل خدرها *** كأن لم يكن ذاك الخبا خدر هاشمِ

لها اللّه‏ من مذعورة حين أضرموا *** عليها ففرّت كالحمام الحوائمِ

لها اللّه‏ حسرى قد تقطّع قلبها *** زفيرا إلى أن سال عينا على فمِ

فما بال قومي لا عدمت انعطافهم *** وكانوا اُباة الضيم ماضي العزائمِ

أعاروني الصما فلم يسمعوا الندا *** وقرّوا ألم يدروا بأني بلا حمي

اُعيذكمُ ألاّ يغاث صريخكم *** بغير قطيع الصوت من كفّ ظالمِ

اُعيذكمُ ألاّ يجاب دعاء من *** دعاكم بغير السبّ أو لطم لاطمِ

اُعيذكمُ أن يستباح حريمكم *** وتسبى نساكم فوق عجف الرواسمِ

اُعيذكمُ أن يستظام نزيلكم *** فتغضون ماذا شأن أبناء هاشمِ

أيرضى إباكم أن تساق حواسرا *** كما شاءت الأعدا إلى شرّ غاشمِ

أيرضى إباكم أن يروم مبيعنا *** يزيد ولم يعطب بقطع الغلاصمِ

أيرضى إباكم أن تسيّر في السبا *** يتامى علي والبتولة فاطمِ

أيرضى إباكم أنها كلما دعت *** بكم روعت‏بالسوط فوق المعاصمِ

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة