شعراء القطيف (المرهون)

img

{29} الشيخ محمد الزهيري

توفّي سنة ( 1329 )

هو الفاضل الشيخ محمد بن عبد اللّه‏ بن حسن بن عبد اللّه‏ بن عبد الحسين آل زهير، اُسرة كريمة من قُطّان سيهات من قرى القطيف، ذات كرم وجلالة، ثم قطنت طائفة منهم قرية الملاحة وبها تولّد المترجم الزهيري. وبعد مولده بمدة يسيرة توفّي والده، فكفله جده، وبعد يسير من الزمان توفّي، فكفله وصي جده الحاج محمد بن عبد العزيز البيات في قلعة القطيف، فعلمه القرآن والكتابة وسائر الاداب، وما زال تحت رعايته حتى رشد وتزوج واستقل بنفسه.

وكان ينظم الشعر ويجيده، وبه توصّل إلى مجالسة العلماء والاُدباء والرؤساء. وكان محبوبا لدى الجميع؛ لما اتّصف به من صفات بزّ بها أقرانه من كرم وجود وسخاء، وتقى وصلاح. قطن البصرة برهة من الزمن، ثم الكاظمية أخيراً، إلى أن توفّي بها في شهر جمادى الاُولى السنة التاسعة والعشرين بعد الثلاثمئة والألف، والآن هو حي بنجله الشهم الحاج عبد الجليل أحد الشخصيات اللاّمعة. له ديوان شعر في أهل البيت عليهم السلامإلاّ القليل منه في غيرهم، موجود عند بعض الأدقاء. وإليك نموذجا منه (تغمد اللّه‏ الزهيري برحمته، وحشره مع النبي وذريته) :

في رثاء الحسين عليه السلام

إمام به قام الوجود وقوّمت *** دعائم بيت الواحد الأحد الفردِ

وهدّم أركان الضلال بسيفه *** فلم ترَ ركنا منه ليس بمنهدِّ

له المعجزات الباهرات أقلّها *** يعبر جيش المسلمين على الزندِ

ويكفيه فضلاً فوق كل مكون *** فكان قسيم النار في الحشر والخلدِ

أخو المصطفى كهف‏الورى أسد الشرى *** مجدّل فرسان الكتائب في اُحدِ

فمن ثمّة اقتادت اُميّ جيوشها *** بيوم به الإسلام ذو أعين رمدِ

غداة أبيّ الضيم ألوى على الردى *** ونادت حواديه بـ« حي على الوخدِ »

فوافى بخير الصحب أرضا بها البلا *** أقام فلم ترقأ لهم دمعة المجدِ

ظهيرة قالوا تحت مشتبك القنا *** تباركت من حتف وبوركت من وردِ

وماتوا كراما بعدما أن تفيؤوا *** ظلال حطيم السمر والبتّر الهندِ

وجاء أبو السجاد يجلو بسيفه *** جناح دجى طامي الضلالة ممتدِّ

فدك جيوش المشركين بمثلها *** وأوقع في ناب الردى كل مرتدِّ

فأحجمت الصيد الصناديد خيفة الـ *** ـمنية حتى جاء جبريل بالعهدِ

فلبّى وكفّ السيف وانثالت العِدا *** بأفئدة تغلي عليه من الحقدِ

فأردوه بالسمر اللدان وبالظبا *** وبالنبل صادي القلب محترق الكبدِ

فيا لقتيل قد تداعت ذرا العلا *** غداة عليه خيل أعدائه تردي

ويا لمشال رأسه فوق ذابل *** لسان الهدى ينعاه للقائم المهدي

فيا لأميرالمؤمنين لنسوة *** سبين وتهدى حاسرات إلى وغد

اُسارى كسبي الروم يشهر في الملا *** هواتف بالاُم البتول وبالجدِّ

ويا لعليل غلّلوه وإنه *** لسر بقاء الكون والسيد المسدي

فديتك هل خوف من الموت هاشم *** فلم تقتلي دون الحسين ولم تفدي

وهل خفت من أسياف آل اُمية *** فأعربت عن قصد وأخطأت في القصد

إلى اليوم لم ترفع لعزّك راية *** وما كنت قبل الطف صاغرة الخدّ

فما أنت من بعد الحسين بهاشمِ *** وقد عبثت في صدره أرجل الجردِ

ولم تحردي كيما تفكين سبيه *** من السبي أو تدلينه وسط اللحدِ

هنيئا لأحرار أجانب جاهدوا *** لديه فنالوا غاية القرب بالجهدِ

فأعقبهم ذكرا جميلاً مؤبدا *** وأسكنهم بحبوحة الجنة الخلدِ

فصلّى عليهم ربّهم وأثابهم *** بأعظم أجر ليس ينهى إلى حدِّ

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة