شعراء القطيف (المرهون)

img

{20} الشيخ عبد اللّه‏ الذهبة

المتوفّى سنة ( 1277 ) تقريبا

هو الفاضل الأديب الأريب الأوّاه، الشاعر المصقع المطبوع، الماهر التقي، الحاج عبد اللّه‏ ابن المرحوم الحاج أحمد الذهبة البحراني القطيقي. كان رحمه اللهقد سكن أكثر من قرية، وسكن مسقطا، ثم لنجة من توابع إيران، وفيها انتقل إلى الرحمة والرضوان. كان شاعرا مجيدا ماهرا من شعراء أهل البيت عليهم السلاموراثيهم ومادحيهم، تقيا نقيا، لم يوجد مثله في الشعر والمعاني الجيدة، وكان شبيها بالمرحوم السيد حيدر الحلي بالعراق.

أقول: المعروف أن الذهبة رحمه الله قطيفي لا بحراني ؛ لكونه سكن جدحفص ( قرية من قراها )، فقد سكن مسقطا ولنجة كما عرفت، ولعل بعض الحوادث ألجأته كما ألجأت غيره إلى سكنى البحرين ؛ فإن كثيرا من علماء واُدباء وشعراء من أهل القطيف ينسبون إلى البحرين من جرّاء ما ذكرنا. كان رحمه الله من شعراء القرن الثالث عشر، وتوفّي رحمه الله في بلاد لنجة كما عرفت ( تغمده اللّه‏ برحمته ). وإليك هذه القصيدة العصماء من شعره يقول:

في رثاء أبي عبد اللّه‏ الحسين عليه السلام

أين الإبا هاشم أين الإبا *** ما للعلا لم تلفِ منكمُ أبا

هذا لوا العليا بلا حامل *** أكلكم عن حمله قد أبى

بعد مقام في ذرا يذبل *** كيف رضيتم بمقام الرُّبا

ولم تزل ترفع فيكم إلى *** أن جازت الجوزا بكم منصبا

فما جنت إذ هجرت فيكمُ *** حاشا على العلياء أن تندبا

قد أصبحت غضبى لما نابكم *** وحق يا هاشم أن تغضبا

فالجدّ اَلجدّ لمرضاتها *** فكم أنال الطلب المطلبا

والقتل اَلقتل فإن العلا *** لم ترضَ أو ترضى القنا والظبا

وأضرموا نار وغى لم تفل *** لمبعث الناس لظاها خبا

وواصلوا حتى تبيدوا العِدا *** منكم بإثر المقنب المقنبا

اللّه‏ يا هاشم في مجدكم *** لا يغتدي بين البرايا هبا

اللّه‏ يا هاشم في شملكم *** فقد غدا  في الناس أيدي سبا

أين الفخار المشمخرّ الذي *** ناطح منه الأخمص الكوكبا

أين الإغارات التي أرغمت *** شانئكم شرّق أو غرّبا

أين غمام لم يكن قلّبا *** قبل وبرق لم يكن خلّبا

كيف وهت عزائم منكمُ *** كادت على الأفلاك أن تركبا

وكم غدت آسادكم هاشم *** تعدو عليها في شراها الظبا

أما أتاكم ما على كربلا *** من نبأ منه شباكم نبا

ما جاءكم أن العظيم الذي *** على الثريا مجدكم طنّبا

وكاشف الأرزاء عنكم إذا *** دهر بأجناد البلا أجلبا

وذا الأيادي الهامرات التي *** أضحى بها مجدكمُ مخصبا

أضحى فريدا في خميس ملا *** رحب البسيط الشرق والمغربا

لم يلف منكم من ظهير له *** إذ جاوز الخطب بلاغ الزبى

يخوض تيار الوغى ذا حشا *** فيه الظما ساعره اللهبا

مجاهدا عن شرعة اللّه‏ من *** إلى الغوى عن نهجها نكبا

حتى قضى لم يلفِ من ناصر *** بعدُ لمن عن نصره قد أبى

مقطرا تعدو بأشلائه *** برغمكم خيل العِدا شزّبا

ما أعجب الأقدار فيما أتت *** لصفوة الأقدار ما أعجبا

كيف قضت لغالب الموت ما *** عن نابه كشّر أن يغلبا

فما بقا الأكوان والموت في *** روح البرايا أنشب المخلبا

مضى إلى الرحمن في عصبة *** لنصره الرحمن قبل اجتبى

قضوا كراما بعد ما أن قضوا *** ما اللّه‏ لابن المصطفى أوجبا

على العرا عارين قد شاركت *** في سترها هامي النحور الظبا

وخلفوا عزائز اللّه‏ من *** دون حمى للعِدا مكسبا

مستصرخات لم تجد مصرخا *** من الورى صحبا ولا أقربا

غرائبا في هتك أستارها *** وخفضها صرف القضا أغربا

تذري على فقدان ساداتها *** دمعا كوكاف الحيا صيّبا

تحملها العيس على وخدها *** تطوي بأثر السبسب السبسبا

تقرعهن الأصبحيات أن *** نضو من الإعيا بها قد كبا

يا غضبة الأقدار هبّي فقد *** آن إلى الأقدار أن تغضبا

إن التي يسجف أستارها *** جبريل حسرى في وثاق السبا

ومن على أعتابها تخضع الـ *** أملاك يقفو الموكب الموكبا

خواضع بين العِدا لم تجد *** من ذلّة الأسر لها مهربا

أما حمتها جلبات الملا *** إلاّ من الأوغاد أن تجلبا

عزّ على الأملاك والرسل أن *** تمسي لأبناء الغوى منهبا

تودّ لو أن الدجى سرمد *** لمّا عن الرائي لها غيّبا

وإن بدا الصبح دعت من حيا *** يا صبح لا أهلاً ولا مرحبا

أبديت يا صبح لنا أوجها *** لها جلال اللّه‏ قد حجبا

تراك قد هانت عليك التي *** عن شأنها القرآن قد أعربا

فما جنى يا شمس جانٍ كما *** جنيت في حرات آل العبا

الليل يكسوها حذارا على *** أوجهها من دجنه الغيهبا

وأنت تبديها لنظّارها *** فمن جنى مثلك أو أذنبا

لم لا تواريت بحجب الخفا *** للبعث لما آن أن تسلبا

يا هاشم العليا ولا هاشما *** اَلخطب قد أعضل واعصوصبا

ألم يأن بعد لأسيافكم *** من هامر الأوداج أن تشربا

لا عذر أو تجتاحَ أعداءكم *** أراقم المرّان أو تعطبا

أو تنعل الأفراس من هام مَن *** رام على علياك أن يشغبا

جافي عن الأسياف أغمادها *** وواصلي بين الطلا والشبا

حتى تَبيدي أو تُبيدي العِدا *** اَللّه‏َ في ثارك أن يذهبا

ولا تملّي من قراع الردى *** أو يجمع الشمل الذي شعبا

ومن إلى العليا بتجميعه *** هيهات صدع ذاك لن يشعبا

ما صدّ أسماعكمُ عن ندى *** زينب والهفا على زينبا

وقد درت أن لا ملبٍّ لها *** لكن حداها الثكل أن تندبا

تندب واقوماه من هاشم *** لنسوة لها السبا أذهبا

هذي بنات الوحي لم تلفِ من *** كل الورى ملجا ولا موئبا

كنتم إذا الشمس رأت ثوبها *** أطاركم إلى فناها الإبا

فلِمْ غدت لم تلفِ غير العِدا *** لها إذا قيل السرى مركبا

إن العلا قضت عليكم بأن *** تفقأ عين الشمس أو تحجبا

وأن يحط البدر من أوجه *** وفي التراب الشهب أن تغربا

بما رأت أوجه حراتكم *** في الأسر لا ستر بقي أو خبا

وأجهدي فيالأرض إذ شاهدت *** وجوهها حسرى بأن تقلبا

دعي الوغى يسفع إضرامها *** ناصية الكون لحكم الظبا

حتى يؤدي راغما كل من *** منه رآها حسّرا في السبا

وذاك وتر لم ينل كنهه *** حتى لو الكون له تبّبا

لا يعدل العلّة معلولها *** لكن على ذي الوتر أن يطلبا

خطب تكلّ اللسن عن وصفه *** إن أسهب الواصف أو أطنبا

يا من به دارت رحى الكون مذ *** وجوده إيجادها سبّبا

ويا سفينة النجاة التي *** يأمن من كانت له مركبا

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة