شعراء القطيف (المرهون)

img

الشيخ عبد العزيز الجشي

المتوفّى سنة ( 1270 )

ويقول أيضا في رثاء الحسين عليه السلام :

لم يوكف العبرات عارض محجري *** أسفا لمصقول الترائب أعفرِ

أو من توافق والنوى يحدو به *** حوص الركاب بكلّ واد أقفرِ

أو منزل عفت السنون محله *** فكأنه سطر محي من أسطري

هيهات أبكيها معالم أصبحت *** نهب الحوادث في ممرّ الأعصرِ

لكنما أشجى الفؤاد مصائب *** وأمضّها رزء الحسين الأطهرِ

مع فتية فركت لهم عزماتهم *** في نصره فوق السها والمشتري

قوم إذا اعتكر العجاج تهافتوا *** للموت بين مهلّل ومكبّرِ

يتلاعبون بكل أبيض صارم *** ماضي الغرار وكل لدْن أسمرِ

قوم رأوا بيع النفوس غنيمة *** فتقاسموها بالنصيب الأوفرِ

ورأوا عيانا ما أعدّ اللّه‏ في *** عدن لهم من نعمة لم تحصرِ

فهنالك اتّخذوا الردى ظهرا فمن *** غادٍ لهم فيه به ومبكرِ

متقدمين وسبط أحمد خلفهم *** يحمي عرينته باُم حبوكرِ

بيمينه صافي الفرند كأنه *** نهر المجرة عنه لم يتفجّرِ

ما كرّ إلاّ ذكر الناسي بما *** صنعته في بدر صوارم حيدرِ

للّه‏ ما أحلى قلائده على *** أعناقهم فكأنها من جوهرِ

ما والذي جعل الشجاعة عنصرا *** فذاً به أكرم به من عنصرِ

ما طاش في يده السنان وإنما *** ضربا تمايل في صدور العسكرِ

لكن دنا منه القضا فاغتاله *** سهم بلبّة قلبه المتسعّرِ

فهوى كنجم خرّ من اُفق السما *** رجما على الأعداء لو لم ينحرِ

فبكت ملائكها الكرام وسبّحت *** خوفا فأسمع بالحديث وأبصرِ

أيكون في البوغا لقى ومقامه *** إما بصهوة أشقر أو منبرِ

لكنما الأقدار إن قابلتها *** متفكرا وسمتك بالمتحسّرِ

تتفتّت الأكباد بين تذكر *** لمصابه حزنا وبين تفكرِ

إن أبكه دمعا فقد بكت السما *** من أجله حزنا بقانٍ احمرِ

إيه معصّرة الجفون فقد قضى *** سيّان بين «عصرْت» أو لم تعصري

لم أدرِ أن الشمس تبكيه أسى *** حتى رأيت مغيبها كالعصفرِ

نشرت ذوائبها عليه في الضحى *** ثكلى وحزنا ليتها لم تنشرِ

أتقيم مأتمها وتنشر شعرها *** كي تعلم الزهرا بهذا المنكرِ

ولهذه الأفلاك لا تتحرّكي *** قامت قيامتنا بآل المنذرِ

بأبي جسوما بالعرا حاكت لها *** أيدي السوافي حلّة لم تسترِ

يغشى النواظر نورها فكأنها *** شمس فليت الشمس لم تتكوّرِ

بأبي كريما بالسنان كأنه *** بدر تألّق في الظلام المعكرِ

أبدا يكرّر بالمواعظ قوله *** ﴿لاَ تَحْسَبَنَّ [1] ﴾ كأنه في المنبرِ

بأبي زعيم الدين وابن زعيمه *** اَلقسور ابن القسور ابن القسورِ

بأبي غريب الدار حضرة قدسه *** للرسل والأملاك أعظم محضرِ

بأبي الكرائم والكريمات التي *** تركت ضياعا بعده لم تخفرِ

سلبت وعين اللّه‏ ناظرة إلى الـ *** ـمسلوب حرّات النبي الأطهرِ

ما كنت أحسب والحوادث جمة *** آل النبي تساق سوق البربرِ

تستوقف الأسماع رنتها على *** فقد الكبير أسى ورؤيا الأصغرِ

هاذاك مرضوض على عفر الثرى *** شلوا وهذا في حبال المؤسرِ

وتعج تندب وهي مما مسها *** بعجيجها في ندبها لم تشعرِ

لكنها اُمّ المصائب فاستمع *** منها شكاية واله مستعبرِ

يا راكبا حرفا كأن قتودها *** نيطت على هبق النعام المذعرِ

شغفا تدفّ إلى العراق كأنها الـ *** ـدفواء إلاّ إنها لم تؤكرِ

عج بالغريّ فثم حاجة وامق *** تقضى إذا ما جئت أكناف الغري

إني ضمنت لك النجاح فقل له *** يا ذا العقاب غداة وقعة خيبرِ

وعلي والنسوان بين مقلّد *** ثقل الحديد وبين طفل مؤسرِ

هذا ينوح وتلك تندب والأسى *** أبدا يقول لها سئمت فكرّري

حسرى المقانع تستغيث كأنها *** وأبيك محرمة غداة المشعرِ

تطوي على الزفرات أضلعها وما *** أدراك ما زفراتها فاستخبرِ

أبنات أحمد والبتول وحيدر *** تسبى جهارا أم بنات الأصفرِ

أبني الطلقاء هبوا أنها *** سنة وإلاّ جرعة من مسكرِ

ووراءكم يوم يصم رعيله *** أسماعكم وزعيمه ابن العسكرِ

هادٍ يقود عرمرما في مشيه *** جزرا ولكن بالسيوف البتّرِ

يا خيرة الجبار ما  لي عنكمُ *** عوضا وأنتم مفزعي في محشري

تاجرت فيكم بالمحبّة والولا *** فغدوت أربح مغنما في متجري

فلأجلون عرائس الفكر التي *** تزري عرائس طلحة والبحتري

ولأصبرن على الأذية فيكمُ *** عمري وأي مهذب لم يصبرِ

أنتم لعمري عصمة اللاجين فلـ *** ـيؤمن بكم من شاء أو فليكفرِ

_______________________

[1] إبراهيم: 42.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة