شعراء القطيف (المرهون)

{ 17 } السيد محمد الفلفل
المتوفّى سنة ( 1261 ) تقريبا
هو السيد النجيب الشريف، السيد محمد ابن السيد مال اللّه ابن السيد محمد المعروف بالفلفل. أحد أهالي قرية التوبي من القطيف، نزيل كربلاء، المعاصر للسيد كاظم الرشتي ( عليه الرحمة )، ومن جلسائه المقربين لديه. وقد ذكره صاحب ( الأنوار )[1] تحت رقم [29]، فأطراه وأثنى عليه، وذكره صاحب ( الدمعة الساكبة )، وأثبت له هناك هذه القصيدة الهائية. وآل الفلفل موجودون حتى اليوم، من خيار السادة وأماجدهم ( كثر اللّه أمثالهم )، يفخرون بشاعرهم المشار إليه، وحق لهم ؛ فلقد كان رحمه اللهعلى أحسن ما يكون عليه العقلاء من أماثل الرجال. توفّي على حد التقريب في سنة ( 1261 )، وخلف وراءه هذا الأثر القيّم من المراثي لأجداده، نقتطف منه هاتين القصيدتين مما عثرنا عليه، فلنستمع إليه يقول:
في مدح الكاظمين والعسكريين عليهم السلام:
خلّها تدمِ من السير يداها *** لا تعقها فلقد شقّ مداها
هزها الشوق فأبراها الضنى *** فانبرت تحمد بالشوق ضناها
رضيت حر الهوى ماء كما *** رضيت متلفة السير غذاها
عميت من كل ما يشغلها *** عن هداها وهداها في عماها
عكرت رحب الفضا ممّا أثا *** رته فالتفّ دجاها بضحاها
قصدها الكاظم موسى والذي *** غمر الناس يدا بعض نداها
قف فدتك النفس واغنم أجرها *** حيث تحييها سلاما من فناها
مبلغا جلّ سلامي لهما *** طالبا للنفس ما فيه هداها
قل لمن كلّم موسى باسمه *** ولمن من جوده نال عصاها
أشهيدَي جانب الزوراء هل *** زورة تطفي من النفس لظاها
أم لعيني نظرة ممّن رأى *** جدثي قدسكما تجلو جلاها
لم يرَ اللّه اُناسا غيركم *** للشهادات فأنتم شهداها
بل ولا نال اغترابا غيركم *** مثل ما نلتم فأنتم غرباها
جدكم أعظم قدرا وأذى *** فحسوتم بعده كأسا حساها
وسقاكم ثدي أخلاق بها *** عطّر القرآن من عطر شذاها
يا ذوات أكملت علة إيـ *** ما رجا راج بكم إلاّ نجا
ـجاد ذي العرش الورى والبدء طاها
كيف والراجي الميامين فتاها *** ثم عج يا مرشد النفس إلى
أرض سامرّاء ننشق من ثراها *** واعطها مقودها حتى ترى
قبة فيها مناها ورجاها *** فعلى نورَي علا حلاّ بها
من صلاة اللّه والخلق رضاها *** والقِ عنها حلس وعثاء السرى
وقل البشرى فقد زاد عناها *** واطلب الحاجات تحظَ بالإجا
بة في حال بقاها وفناها *** ثم أنهضني فلا قوة لي
من هموم أبهظتني من عداها *** نحو سرداب حوى خوف العدا
عصمة العالم والمعطى رجاها *** ـله لبّى دعوة في مشتكاها
وامشِ بي رسلاً فما تدري عسى الـ
وادخلن بي خاضعا مستشفعا *** لي بأن اُسعد يوما بلقاها
نقرأ التسليم منا عدّ ما *** خلق اللّه إلى يوم جزاها
يا ولي اللّه والمعطي مدى *** أمد الأيام إقليد عطاها
قم على اسم اللّه واثبت ما بقي *** من رسوم فالعدا راموا انمحاها
طهّر الأرض بأجناد أبت *** أن يرى مبدؤها من منتهاها
وابسط العدل بعيسى الروح والـ *** ـخضر محفوفا بأملاك سماها
إن دوحات الرجا قد آذنت *** بانحسار فمتى خضرا نراها
والأمانيّ حبالى هل ترى *** منك يوما بوليد بشّراها
جرد السيف لثارات بني *** اُمك الزهراء واجهد في رضاها
جلب القوم عليهم جحفلاً *** كالدجى لكن دراريه ظباها
فانثنوا كالاُسد للدفع بدت *** لهُمُ في منتهى الخمص ظباها
تلتقي جيش العدا ضاحكة *** والمواضي من دم طال بكاها
أبلغوا في الدفع عن حامية الـ *** ـدين بايصا الكل كلاًّ بحماها
لم يزالوا في الوغى حتى جرى *** من يد الأقدار ما حمّ قضاها
يتبع…
__________________
[1] أنوار البدرين 2: 198 ـ 199 / 34.