تفسير آية من كتاب الله
قال الله تعالى:
((الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون))
ما المراد من كلمة (بظلم) في هذه الآية المباركة؟
ذكر المفسرون ثلاثة أقوال في تفسير هذه الكلمة وهي على النحو التالي:
١) بظلم أي بشرك: واستدلوا على هذا التفسير ببعض الأدلة منها ما يلي:
الدليل الأول: لقوله تعالى في سورة لقمان آية ١٢:
((إن الشرك لظلم عظيم))
الدليل الثاني: روي في مجمع البيان عن ابن عباس عندما نزل قوله تعالى:
((الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم))
((شق على الناس فقالوا: يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا إلى ما قال العبد الصالح: يا بني لا تشرك بالله إن الظلم لشرك عظيم))
٢) بظلم أي بشك: روي في كتاب مرآة العقول ج٥ ص٦ عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى:
((الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم))
قال عليه السلام:
((بظلم أي بشك))
والشكوك والوساوس مصدرها الشيطان فقد روي في مجمع البيان ج١٠ ص٥٧١ عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:
((ما من مؤمن إلا ولقلبه في صدره أذنان: إذن ينفث فيها الملك ، وإذن ينفث فيها الوسواس الخناس يؤيد الله المؤمن بالملك وهو قوله تعالى: وأيدهم بروح منه))
ولذلك فإن أهل البيت عليهم السلام أوجدوا لنا طرقا للتخلص من تلك الشكوك الشيطانية:
الطريق الأول: عدم الاعتناء به روي في الكافي ج٢ ص٣٨٥ عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:
((إذا كثر عليه السهو فامض في صلاتك فإنه يوشك أن يدعك إنما هو الشيطان))
الطريق الثاني: التضرع إلى الله روي في كتاب الأربعون حديثا ص٤٤١ _ ص٤٤٢ عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال:
((أتى رجل للنبي صلى الله عليه وآله وقال: أشكو إليك ما ألقى من الوسوسة في صلاتي حتى لا أدري ما صليت من زيادة أو نقصان فقال: إذا دخلت في صلاتك فاطعن فخذك الأيسر بإصبعك اليمنى المسبحة ثم قل: بسم الله وبالله توكلت على الله أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، فإنك تنحره وتطرده))
الطريق الثالث: التوكل على الله روي في الكافي للكليني عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:
((أتى رجل للنبي صلى الله عليه وآله فقال: يا نبي الله الغالب علي الدين والوسوسة فقال له: قل: توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك وكبره تكبيرا))
الطريق الرابع: الدعاء والابتهال روي في بحار الأنوار ج٩٢ ص١٣٨ عن عبد الله بن سنان شكا رجل للإمام الصادق عليه السلام كثرة التمني والوسوسة فقال: أمر يدك على صدرك ثم قل: بسم الله وبالله محمد رسول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم امسح عني ما أحذر ثم أمر يدك على بطنك وقل ثلاث مرات فإن الله تعالى يمسح عنك ويصرف قال الرجل: فكنت كثيرا ما أقطع صلاتي مما يفسد علي التمني والوسوسة فقلت ما أمرني به سيدي ومولاي ثلاث مرات فصرف الله عني وعوفيت منه فلم أحس به بعد ذلك.
٣) بظلم أي بخلط ولاية محمد وعلي بغيرها: روي في تفسير نور الثقلين ج١ ص٧٤٠ روي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى:
((لم يلبسوا إيمانهم بظلم))
قال عليه السلام:
((بما جاء به محمد وعلي ولم يخلطوها ……))
وروي في تفسير البرهان ج١ص٥٣٨:
((إن الإمام الصادق عليه السلام جعل هذه الآية تشمل الخوارج الذين خرجوا من ولاية الله ودخلوا في ولاية الشيطان))
وصلى الله على محمد وآل محمد
كتب البحث/ حسين إسماعيل