شعراء القطيف (المرهون)

img

الشيخ محمد بن سلطان المتوفّى سنة ( 1251 ) ه

وجوه كما الروض النضير وإنها *** ليغضي حياءً دونها كلّ ناظرِ

ولكنها الأقمار غبن شموسها *** فأشرقن من أرزائها في دياجرِ

ألا خسئت نار من الكفر أسعرت *** بقلب الهدى في حرق تلك المخادرِ

فلم تبقِ آثاثاً سوى فضل أهلها *** ولا غير تقوى ربّهم من ذخائرِ

فأين النبي اليوم عن خفراته *** يراها بأسر القوم من غير خافرِ

على حين ثار ابن النبي مبادراً *** لرشد البرايا لا لأجر الجرائرِ

ألا بأبي من أنشبته اُميّة *** بمنشب أنياب الردى والأظافرِ

أقيه الردى من شاخص غير أنه *** بصحبة أمجاد كرام المعاشرِ

هم القوم لا غوث الصريخ عليهم *** بمكدٍ ولا يألون من رشد حائرِ

فلا عيب فيهم غير نضح سلاحهم *** دما كأكفّ من نداهم غوامرِ

عليك بهم والليل داجٍ فإن خلت *** محاريبهم فاطلبهُمُ في المغائرِ

ضياغمُ لم يعطوا القياد وإن فنوا*** بلى إنما انقادوا لطوع المقادرِ

ومن رام أخطار الجلالة هونت *** على نفسها توريطها في المخاطرِ

فيالك من إخوان صدق تراضعوا *** ثديّ الوفا من اُمهات المآثرِ

وحسب الهدى نعم الظهير ثلاثة *** أبو الفضل والعرّيس وابن مظاهرِ

أما وأبي لو اُمهلوا ريث لحظة *** لديرت بهم للكفر صرف الدوائرِ

ولكنهم والحكم للّه‏ شأنهم *** مهاد الفضا عن موجبات النهائرِ

فخرّوا على الأذقان شكراً لربّهم *** فطوبى لراضٍ بالقضاء وشاكرِ

بنفسي حميّ الضيم من غير ما حمىً *** وناصر دين اللّه‏ من غير ناصرِ

فما حكت الحاكون عن ذي حفيظة *** بأربط جأشا منه دون التشاجرِ

فما ثار مرخيّ العذارين غائراً *** بطلاّب ثأر ملبياً للمعاذرِ

بأنجد من ذي عزمِ إن كرّ والقضا *** فلم تدرِ أي السابقين بضامرِ

ولا الليث فاجأتِ الكلاب عرينه *** فصال وقال اللّه‏ صولة غائرِ

بأشجع من ليث على الدين لم يزل *** قريعاً لأنياب المنون الكواثرِ

فيا موجفاً نضواً كأن وُثوبها *** توثّب وحشي من الصيد نافرِ

يرى شبحاً من غير شخص كأنه *** بصهوة عفريت من الجن طائرِ

كفلك الدجى عرّج بمكة ناعياً *** فتى ابن أبي الهيجا وشيخ العشائرِ

مشيحا إلى الغايات لم يثنِ عزمه *** خلوّ مزاد أو وقوع المحاذرِ

وزِغ عن وجوه القوم قبل مثارهم *** مداهيش لا يرديك أول ثائرِ

فاُقسم لو يؤذن لهم أوردوا العدا *** موارد لا يلفى لها من مصادرِ

ففي دركي هاجر إلى اللّه‏ وافداً *** على المصطفى تحظَ بفوز المهاجرِ

فيمّمه مأمون العثار مسلّماً *** عليه ونادِ الغوث من كلّ جائرِ

نبي الهدى ما كان أدهى رزية *** بها رزئ الإسلام من كلّ كافرِ

لك الأجر بالسبط المفدّى فيا له *** صريعاً بسيف البغي من كل غادرِ

فعهدي به والصحب في طفّ كربلا *** كما للقرى في عقرهم من عقائرِ

كان جسوم القوم من غير أرؤس *** قناً نصلت آلاتها في التشاجرِ

فيا ليتك الرائي صدورا ترضّها *** عوادي الأعادي واردا بعد صادرِ

وليتك عاينت الصبا عن عرائهم *** تلفّ ولكن بالذي غير ساترِ

فما غسلهم غير النجيع وما لهم *** بغير قلوب الأوليا من مقابرِ

ومن أعظم الأشياء إهلاكهم ظماً *** وأعظم شيء ليس تحظى بحافرِ

برغم المعالي أن تظلّ ثلاثة *** مزاراً على عفر الثرى لليعافرِ

فللّه‏ أشباح يكاد جلالها *** يبين لرائيها خفيّ السرائرِ

كأن لها تحليق وحش وطائر *** وقاء عن الصحرا ولفح الهواجرِ

ألا في جوار اللّه‏ أقمار سؤدد *** أفلن على رغم الهدى في الحفائرِ

ويا لهف نفسي للفواطم إذ غدت *** غنائم أبنا  كل نوكاء عاهرِ

فوا رحمة للمؤسرات كأنها *** قطارى المهاري في يدي كلّ آسرِ

هوادر كالركبان في بهرج السرى *** كأن لها ديراً سنام الأباعرِ

عراة وحاشاها العرا من حيائها *** فما غير من أطمارها والمعاجرِ

معوضة بالصفد جيداً ومعصما *** هنالك عن أطواقها والأساورِ

فمهما أرين الشامتين تجلّداً *** تجرّعن كظم الغيض من كل ساحرِ

وإن سرت الشكوى حذارا وشت بها *** بوادر من غمر الدموع البوادرِ

فوا سوء حال الضائعين كأنها *** قرائين في أيدي يهود خيابرِ

لهن ضجيج كالحجيج وما لها *** مواقف عن هروالها في المشاعرِ

فيا عجباً عن خبط عشوا حداتها *** ضلالاً وحدواهم بتلك الزواهرِ

فلو نكبوا نهج الغواية لاهتدوا *** ولكن عمى الأبصار غير البصائرِ

جزى اللّه‏ شرّاً شرّ قوم جزاؤها *** نبي الهدى شروى مجير اُم عامرِ

فميعادهم يوم المعاد ومنتهى *** اُمور البرايا خير ناهٍ وآمرِ

يميناً بكم آل النبي ألِيّة *** ألِيّة بَرّ لا ألِيّة فاجرِ

لئن لم يدُن مولاه مولى بدينكم *** فما هو إلاّ خاسر وابن خاسرِ

وإن منعتني حكمة اللّه‏ رأيكم *** وما كل ممنوع الوصال بهاجرِ

فلست بمولاكم إذا لم أقد لكم *** ضوامر لكن من جياد الضمائرِ

فدونكمُ من موقرات ظهورها *** ثناء ولكن من عياب المعاذرِ

من اللاءِ يقنصن الأماني لربها *** تقنّص عقبان الرعان الكواسرِ

على أنها كادت تطير لنحوكم *** بقائدها لولا شطون المعاذرِ

كفى بمثار الأريحيات للمنى *** نتاج ولكن دون همّة ثائرِ

فهن مطيّات الأماني وقلّما *** يعود بهن الممتطي غير ظافرِ

فخيّبت من أهدى تجارة مدحه *** لئيما ومدح الآل أسنى المتاجرِ

وحاشا لسلطانية العصر لم تكن *** مؤازرة غير الملوك الجماهرِ

وما الناس إلاّ كالبحور فبعضهم *** سقيمٌ وبعضٌ معدن للجواهرِ

فطوبى لنا أهل الولاء فإنها الـ *** ـمفازة والبشرى بأقوى العناصرِ

سعدنا إذن والحمد للّه‏ إننا *** نعوذ بك اللهم من جدّ عاثرِ

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة