أدلة التوحيد
مصطفى آل مرهون
(لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون) ٢٢: الأنبياء
ذكر العلماء أن أدلة التوحيد بلغت أربعة عشر دليلا وقد قيل للإمام الصادق (ع) مالدليل على أن الله واحد؟ فقال: (مابالخلق حاجة إلى أكثر). والفرق بين الوحدانية والواحدية أن الأولى: تعني عدم انقسامها إلى متعدد. والثانية: تعني عدم وجود الشبيه. والواجب واحد بكل مافي الوحدة من معنى، فلاشبيه له تعالى ولاند، ولاينقسم في ذاته إلى أقسام، ولايتوقف تصوره على تصور العدد والكثرة. وقالوا أن الوحدة قسمان: حقيقية وهي التي لاتتوقف على مقابلة الكثرة تصورا ووجودا، والعددية: وهي التي يعد بها الغير دون الحقيقة. ومن الأدلة على الوحدانية: أولا: لو وجد إلآهان فإما أن يكون أحدهما قادرا على تدبير العالم وإما أن لا يكون، فإن كان قادرا كان وجود الثاني عبثا، ولزوم مالا يلزم. وإن لم يكن قادرا فلا يصلح للألوهية؛ لعجزه وعدم الفائدة من وجوده. ثانيا: توحيد نفسه بنفسه كما في الآية، أي لو كان في السماء والأرض آلهة سوى الله لما استقاما ولفسد من فيهما وما فيهما، ولم ينتظم أمر من الأمور؛ لأنه لو كان مع الله آلهة أخرى لكانا قديمين؛ لأن القدم من أخص الصفات الإلاهية، والاشتراك في القدم يوجب التماثل فيجب أن يكونا قادرين عالمين حيين، ومن حق القادر أن يكون مريدا ضد مايريده الآخر، من إماتة وإحياء وغير ذالك، وعليه فلا يخلو: إما أن يحصل مرادهما معا فيلزم اجتماع النقيضين. وإما أن لا يحصل فلايكونا قادرين. وإما أن يحصل مرادهما دون الآخر فيكون هذا الآخر عاجزا ومغلوبا على أمره، وعليه فلا يكون إلاها. قال تعالى: (ما اتخد الله من ولد وما كان معه من إله إذن لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون). وعن أمير المؤمنين (ع): (واعلم يابني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه، لا يضاده في ملكه أحد ولا يزول أبدا).
والإسلام دين منطق وعقل، يعرض البراهين العقلية والنقلية لمعتنقيه ليبين تفاهة الجهل وبعد الخرافة عن الصواب. وحين جاء دين الإسلام أبطل ماكان عليه العرب من عبادة غير الله تعالى، وقرر التوحيد المطلق له سبحانه في الذات والصفات، والتوجه له بالعبادة وحده سبحانه. (وإلهكم إلاه واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم). فالتوحيد هو القاعدة الأولى في دين الاإسلام التي يجب أن يؤمن بها قلب المسلم، وينطق بها لسانه، فشهادة المؤمن هي اعترافه بلسانه مع اعتقاده بقلبه عن علم ويقين، ألا معبود إلا الله. أما كلمة التوحيد فإن لها قوة من أعظم القوى في نفس الإنسان المؤمن أما أسرارها مكثير منها:
أولا: أنها تكشف عن واقع أدركه الإنسان بفطرته منذو وجوده على هذا الكوكب ودانت به ملايين البشر، ولا جديد من الكشوف العلمية يتنافى مع هذا الواقع، فكلما تقدم العلم اقترب العقل من معرفة الله سبحانه علة العلل ومسبب الأسباب.
ثانيا: أن الإيمان بالله نظريا وعمليا من أقوى البواعث على حفظ الحقوق والواجبات واستقامة الإنسان، حيث أن الإحساس بسلطان الحق تعالى يعين على حسن السلوك، ويخلق الشعور بالمسؤلية والخوف والرجاء، والخوف من العقاب والطمع في الثواب على فعل مايجب.
ثالثا: يحث على الاستقلال والحرية. وأن ما طرأ على العالم من الخضوع للطواغيت سببه جهلهم بالقوي والمؤثر الحق تعالى، (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين).
رابعا: إن كلمة التوحيد تعبر عن إرادة الشعوب وتسير مع تطور المجتمعات لأنها الدعامة العظمى لحقوق الإنسان والسبيل إلى تحقيق أهدافه. فالتوحيد هو حب لقاء الله وعدم هيبة الموت الأمر الذي يعني رغبة العزة والكرامة والإباء والاستشهاد في سبيل الله تعالى.