شعراء القطيف (المرهون)

img

(9) الشيخ حسن بن مجلي (المتوفّى سنة 1202 تقريباً)

العلاّمة الفاضل الشيخ حسن بن مجلّي الخطّي. أحد أعلام القرن الثاني عشر، وقد ذكره العلاّمة الأميني في الجزء الثاني من غديره[1]، ولم يذكر عنه شيئاً سوى تخميسين من قصيدة « لاُم عمرو ». والظاهر أنه كما ذكرنا من أعلام سنة (1202).

وآل مجلي من أهالي القطيف، لهم مكانتهم وأهميّتهم في المجتمع برجالهم الأماثل، غير أنهم ـ يا للأسف ـ انقرضوا حتى لا نكاد نعرف أحداً منهم في زماننا هذا. غير أن الشيخ حسنا المذكور خلّد لهم ذكراً لا يبيد بتخميسه « الحميرية » حتى أصبح بها في صفّ شعراء الغدير. وهاهو اليوم يكون في صفّ شعراء القطيف. وعليه فيكون هذا التخميس أفضل ما عمل في حياته؛ إذ هو وحده الذي أوجب هذا الذكر الجميل لقبيلة بادت وانقرضت ومرت عليها الأعوام الكثيرة، فهي في عمرها الثاني الذي يساير الأبد، ﴿ وَفِي ذَلِك فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ  [2]﴾. وإليك نموذجاً من تخميسه:

لا تنكروا إن جيرة أزمعوا *** هجراً وحبل الوصل قد قطّعوا

كم دمن خاوية تجزعُ *** (لاُمّ عمرو باللوى مربعُ

طامسة أعلامه بلقعُ)

كانت بأهل الود اُنسيّةً *** تزهو بزهر الروض موشيةً

فأصبحت بالرغم منسيةً *** (تروح عنها الطير وحشيةً

والاُسد من خيفتها تجزعُ)

سألتها أين الظبا اللعّسِ *** الناهدات الكعّب اَلميّسِ

فجاوبتني الأربع الدرّسِ *** (برسم دار ما بها مؤنسِ

إلاّ صلال في الثرى وقّعُ)

تكدّرت صفوات لذاتِها *** مذ فارقت بالرغم عاداتِها

ولم ترَ إلاّ بحافاتِها *** (رقشاً يخاف الموت نفثاتِها

والسم في أنيابها منقعُ)

دارت رحى الموت على سلمِها *** لم يبقَ في لين ولا نعمِها

وليس في غمّ على غمّها *** (لمّا وقفن العيس في رسمِها

والعين من عرفانه تدمعُ)

وذاب قلبي من لظى كربِهِ *** وكاد يدنو من عدا نحبِهِ

والدمع لا ينفك عن صبِّهِ *** (ذكرت ما قد كنت ألهو بِهِ

فبتّ والقلب شجٍ موجعُ)

الوجد والتبريح قد مضّني *** ونغّص التفريقُ عيشَ الهني

وانتحل الجسم ونومي فني *** (كأن بالنار لما شفّني

من حبّ أروى كبدي تلذعُ

لا عجب من ريب دهر عدا *** إذا رماني بسهام الردى

وعاث ما عاث بأهل الندى *** (عجبت من قوم أتوا أحمدا

بخطبة ليس لها موضعُ)

الغدر في مضمونها ضُمّنا *** والنكث مطويّ بها والخنا

فأقبلوا كلّ وكلّ دنا *** (قالوا له لو شئت أعلمتنا

إلى من الغاية والمفزعُ)

عن كلّ خطب مشكل مسّنا *** ومن ترى يحكم في أمرنا

والمرتجى في كلّ أمر عنى *** (إذا توفيت وفارقتنا

وفيهُمُ للملك من يطمعُ)

ومن ترى فيه يشاد البنا *** ومن له الحجّة من ربنا

على الورى ممّن نأى أو دنا *** (فقال لو أعلمتكم معلنا

كنتم عسيتم فيه أن تصنعوا)

كمثل قوم مثلكم نافقوا *** حادوا عن الحقّ ولا وافقوا

إذ نكثوا العهد الذي واثقوا *** (صنيع أهل العجل إذ فارقوا

هارون فالترك له أودعُ)

انظر بعين الفكر يا من فطنْ *** إلى جواب المصطفى المؤتمنْ

أبدى لهم من سرّه ما كمنْ *** (وفي الذي قال بيان لمنْ

كان إذن يعقل أو يسمعُ)

ثم ألمّت فيهِمُ غمّةٌ *** كأنما حفّت بهم ظلمةٌ

والمصطفى تتبعه اُمّةٌ *** (ثم أتته بعد ذا عزمةٌ

من ربّه ليس لها مدفعُ)

انصب عليّاً فهُو المبتغى *** وهو حسام اللّه‏ في من طغى

وفارس الهيجا بيوم الوغى *** (أبلغ وإلاّ لم تكن مبلغا

واللّه‏ منهم عاصم يمنعُ)

أبلغ بلا مهل وقل للذي *** بغى على الدين بقول بَذي

دعه فمنه عينه في قذي *** (فعندها قام النبي الذي

كان بما يأمره يصدعُ)

مشمّراً يكشف عن وصفه *** يهدي البرايا لشذا عَرفه

مبلّغاً كالسيل في وكفه *** (يخطب مأموراً وفي كفّه

كفّ علي ظاهر يلمعُ)

إلى آخر التخميس، ومن أراده فليطلبه من مظانّه، معتذرين من الإتيان به بكامله؛ لضيق مجال الكتاب.

__________________

[1] الغدير 2 : 203.

[2] المطفّفين : 26.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة