شعراء القطيف (المرهون)

الشيخ عبد اللّه العوّى الخطّي (المتوفّى على التقريب سنة 1201)
وله في رثاء الحسين عليه السلام:
عجباً لنفس هلّ شهر محرّمِ *** وتذكرت أرزاءه لم تُحرِمِ
فلتنزعنْ ثوب المسرّة والهنا *** ولتلبسنْ ثوب السواد وتندمِ
تبّاً لها ما عذرها إذ اُخبرت *** بمصائب السادات آل الأكرمِ
قوم هداة للأنام وقادة *** والدين لولا هديهم لم يعلمِ
قوم لهم من أصل كلّ منبأً *** سرّ به نال النبوّة فاعلمِ
هم فلك نوح في النجاة وآدم *** هم فلك موسى والمسيح ومريمِ
هم فلك كلّ خليقة وإليهُمُ *** أعطى الإله ولاية المستعصمِ
جمعوا الفضائل والفوائد كلّها *** فإليهِمُ سلِّمْ اُمورك تسلمِ
تعساً لقوم ما وفوا لمحمد *** في آله القربى بعهد أقدمِ
غالوا الوصيّ وللزكية أسقطوا *** وقضى الزكيّ بسقي سمّ مؤلمِ
غدروا الحسين بما جرى من حقدهم *** ونفاقهم بابن النبيّ الأعظمِ
للّه يوم سار فيه لكربلا *** وعليه ترمى حادثات الأسهمِ
حتى توسّط في فلاها سائلاً *** ما هذه ولأي اسم تنتمي
قالوا له ذي كربلا وبأرضها *** نزل البلا فله استعدَّ وسلّمِ
فهناك فوض للإله اُموره *** تفويض راضٍ للإله مسلّمِ
من حوله دارت جنود اُميّة *** أعلامهم مثل النسورِ الحوّمِ
فكأنه مع صحبه من بينهم *** بدر توسّط في غمام مظلمِ
لهفي له إذ قام فيهم واعظاً *** ببليغ وعظ للقلوب مؤلّمِ
ما كان جدّي المصطفى بنبيكم *** وأبي وصيّ من إله أعلمِ
قد جاءكم بمُنزّل فيه الهدى *** ليذودكم عن ورد نار جهنّمِ
ماذا جنيت وما جناه نبيّكم *** وأبي عليّ ذو الفخار الأعظمِ
حتى أتيتم راكبين خيولكم *** لي مشرعين رماحكم مع أسهمِ
لكنكم إن تتقوا ربّ الورى *** ينجيكمُ من شرّ يوم أشامِ
لم ينفع الوعظ الجميل بعصبة *** ملعونة غلب الشقاء عليهمِ
للّه دَرّ رجاله وحماته *** حين استداروا للجهاد المبرمِ
لبسوا عزيمة صبرهم وتقلّدوا *** بسيوفهم بسوابق لم تحجمِ
حاطوا الحسين وصيّروا أجسادهم *** سدّاً يقيه من القنا والأسهم
وسطوا النزال فما سطوا في مارق *** إلاّ توسّد في الثرى للمعصمِ
حتى قضوا حقّ الإمام عليهمُ *** وتنقّلوا لجنان خلد المنعمِ
وبقي حسين مفرداً بين العدا *** يلقى الردى بعزيمة لم تثلمِ
فكأنه أسد أخف عرينه *** أشباله تأوي إليه وتحتمي
أوْ حيدر يحمي النبيَّ المصطفى *** يوم الكريهة بالحسام المخذمِ
ضاقت بهم أرض البسيطة إذ علا *** ظهراً لمرتجز الحروب مشكمِ
متقلّداً سيفاً ورمحاً أسمراً *** يبدي نواجذه بثغر مبسمِ
فهناك فرّوا من مخافة بأسه *** وتفرّقوا مثل النعام الهزّمِ
فعلاهُمُ شبل الوصيّ المرتضى *** وسقاهُمُ كأس المنون المنومِ
لكنّهم قد أثخنوه بنبلهم *** فجرت دماه مثل غيث منهمِ
واُصيب في وسط الفواد بنبلة *** فانحطّ عن ظهر الجواد بأسهمِ
متسربلاً قاني دماه على الثرى *** وعليه باكية العيون المرزمِ
لهفي لزينبَ إذ أتاها مهره *** وعلى نواصيه سيول من دمِ