شعراء القطيف (المرهون)

الشيخ يوسف أبو ذيب (المتوفّى سنة 1200)
وله في رثاء الحسين عليه السلام:
حكم المنون عليك غالبْ *** غالبتَه أو لم تغالبْ
لا شك أن سهامه *** في كلّ ناحية صوائبْ
فليَطرقنّك هاجماً *** لو كان دونك ألف حاجبْ
لا تدفع الموت الجنو *** دُ ولا الأسنّة والقواضبْ
أين الملوك الطالعو *** ن على المشارق والمغاربْ
ذهبوا كأن لم يخلقوا *** والكلّ في الآثار ذاهبْ
لا ثابت يبقى ولا *** ينجو من الحدثان هاربْ
فاعتدّ بالتقوى له *** فالحزم في نظر العواقبْ
إن السلامة في التقى *** والدين من شرك المعاطبْ
قد فاز من لاقى المنيـ *** ـة وهو محمود العواقبْ
متمسّكاً بولاء عتر *** ة أحمد من آل غالبْ
أهل المناقب والمقا *** نب والمراتب والرواتبْ
وإذا تعاورك الزما *** ن وهاج نحوك بالنوائبْ
فاذكر مصيبتهم بعر *** صة كربلا تنسَ المصائبْ
تاللّه لا أنسى الحسيـ *** ـن وقد وقفن به الركائبْ
مستخبراً ما الأرض قا *** لوا كربلا يابن الأطائبْ
قال انزلوا فإذا الــكتا *** ئبُ حوله تتلو الكتائبْ
فتبادرت أنصاره *** كالاُسد ما بين الثعالبْ
اُسد نواجذها الأسنـ *** ـة والسيوف لها مخالبْ
بيض كأن رماحهم *** وسيوفهم شهب ثواقبْ
فكأنهم تحت العجا *** ج كواكب تحت الغياهبْ
فتراكمت سحب الفضا *** فتحجّبت تلك الكواكبْ
وبقي الحسين مع العدا *** كالبدر ما بين السحائبْ
يلقى الصفوف مكبّراً *** والسيف في الهامات خاطبْ
كالليث في وثباته *** وثباته بين المضاربْ
يسطو بعزم ثاقب *** كالسيف مصقول الضرائبْ
حتى هوى عن سرجه *** كالنجم أو كالبدر غاربْ
لهفي له فوق الثرى *** كالطود منهدّ الجوانبْ
لهفي له وحريمه *** من حول مصرعه نوادبْ
يندبنه بمدامع *** من حرّ أجفان سواكبْ
أحسين بعدك لا هنا *** عيش ولا لذّت مشاربْ
والجسم منك مجدّل *** في الترب منعفر الترائبْ
ما أوحش الدنيا وقد *** نعبت بفرقتك النواعبْ
ها نحن بعدك يا غريـ *** ـب الدار أمسينا غرائبْ
وعلى الشدائد يا شهيـ *** ـد الطفّ شدينا العصائبْ
وتقول من فرط الأسى *** والشجو للأحشاء لاهبْ
يا راكباً تعدو به *** حرف من القود النجائبْ
عُج بالغري وقف على *** عتبات أحمى الناس جانبْ
واشرح له ما راعنا *** بالطّف من فعل النواصبْ
واقصر فما عن صدره *** خبر من الأخبار عازبْ
واقصد عنانك قاصداً *** قمر الهدى شمس المذاهبْ
واحبس على أعتابه *** واندب وقل والدمع ساكبْ
مولاي يا كهف الورى *** من شاهد منهم وغائبْ
فجعتك حرب بالحسيـ *** ـن وبالعشيرة والأقاربْ
تركوه مطعون الحشا *** تحت المضمّرة السلاهبْ
يعلو بأطراف الأسنـ *** ـة رأسه عوض المناكبْ
تبكي لمصرعه الحرو *** ب أسى وتندبه المحاربْ
ولفقده تبكي السما *** ء بمدمع للأرض خاطبْ
والبدر أمسى كالحاً *** والشمس ناشرة الذوائبْ
ونساهُ من شجو عليـ *** ـه ذوات أكباد ذوائبْ
أمست تجاذب من لظى ال *** أنفاس ما أمست تجاذبْ
ما بين علج سالب *** أسلابهن وبين ضاربْ
مستصرخات لم تجد *** غير الصدى أحداً مجاوبْ
إن صحن أين ليوث غا *** لب صاح أين ليوث غالبْ
وبنو العواهر والقيو *** د تقودها قود الجنائبْ
والفضل قد غلّت له *** أيدٍ تعوّدت المواهبْ
اللّه أكبر إنها *** لَمِن الغرائب والعجائبْ
يستأصلون معاشراً *** بلغوا بهم أقصى المطالبْ
ويظاهرون بقتل من *** نالوا بسيفهِمُ المراتبْ
أبني المراثي والمما *** دح والمعالي والمناقبْ
ما إن ذكرت مصابكم *** ألا وهيّج لي مصائبْ
فكأن من ولعي بكم *** ما بين أضلاعي عقاربْ
وإليكمُ من عبدكم *** مجلوّة الأطراف كاعبْ
حسناء يلقف حسنها *** سحر الأعاجم والأعاربْ
فهي العصا طوراً أهـ *** ـشّ بها ولي فيها مآربْ
برزت لكم محزونة *** فرض عليه الندب واجبْ
لابدّ ما تأتي لكم *** وتعود منكم بالرغائبْ
صلّى الإله عليكمُ *** ما حجّ بيت اللّه راكبْ