شعراء القطيف (المرهون)

الشيخ عبد الحسين أبو ذيب (المتوفّى سنة 1151 تقريبا)
يستأصل الجيش ضرباً لو قذفت به *** جبال رضوى لأوهى منه أركانا
تضيء سود الليالي إن لها بزغت *** بيض المواضي على هاماتها آنا
تثير تحت ظلال النقع مسرعة *** تأتي على الصفّ فرسانا ففرسانا
أغرّ يُستسقى الضامي بغرّته *** أمسى بشقّة أرض الطفّ عطشانا
عقّاد ألوية الرايات سالبها *** أضحى خليّاً سليب النصر عريانا
تقبّل الجامحات الشامسات له *** تحت السنابك بالرمضاء جثمانا
كريمه فوق مطرور القنا علم *** سامٍ يناطح في علياه كيوانا
وغادروا أهله شعثاً على مضض *** تقلّب الكف إسراراً وإعلانا
إذا دجا الليل ألجتها شواغلها *** حزناً فتهتف لا حيّيت ممسانا
كانت أوائلنا واللّه يخبر ما *** تخشى وتحذر ما تلقاه أحزانا
يا محنة ليس ننساها وإن بعدت *** والبعد يُحدث للإنسان نسيانا
ووقعة أورثتنا في الوغى نصباً *** يأتي على صبر أدنانا وأقصانا
أذمّ دهري على خطب شرقت به *** لأنه عن قصيّ البغي أصمانا
أمست أحبّتنا في الطفّ شاخبة *** أوداجها وعلى الأنضاء أسرانا
تطوي ظهور الفلا في كلّ عارية *** تطوي المفاوز آجاماً وغيطانا
كأننا من رعايا الترك حوّلنا *** ريب الزمان إلى الأشرار أولانا
مكشوفة الوجه للنظّار يقدمنا *** حوص الركائب بلداناً فبلدانا
الليلَ أشخاصنا الظلماء يكتمها *** حتى إذا الصبح للنظّار أفشانا
في الأسر نرفل في قيد الحديد على *** سفن الفيافي إلى الشامات مسرانا
غذاؤنا من طعام الثاكلات ومن *** دموعنا قد ملأنا البرّ غدرانا
وواحد الناس سلطان الحقائق من *** بيمن طلعته الرحمن أحضانا
العابد الساجد الصوّام خير فتى *** نعدّه كهف دنيانا واُخرانا
في أسر جامعة للأسر جامعة *** تخالها قصمت للعمر ريعانا
يدعو إذا طوّحت أيدي مهجنة *** بجسمه ولوى مطلا وليّانا
هبّي اُميّة قد بوئت مثقلة *** يوم الجزا من عطاء اللّه خسرانا
أبدت أوائلك البغضا وما قنعت *** حتى قصدت لنا ظلماً وعدوانا
فقتّلت وسبت واستأجرت وقلت *** وما رعت للورى في البعث رعيانا
لكنّما أمرنا للّه نحسبه *** في ذمّة اللّه موتانا وأحيانا
يابن العواتك والسادات من مضر *** والمقمحي الخيل عدناناً وقحطانا
والمشرفات على هام العلا شرفاً *** عن شيبة الحمد والمحمود عمرانا
لو كنت أسمع يوم الطفّ داعية *** تدعو أجيبوا لداعي الحقّ سلطانا
لقُدتها كالسعالي في الوغى انتعلت *** من مفرق القوم هامات وتيجانا
تحرّض الاُمّهات المشفقات على *** أبنائنا لا تدانوا صفّ ذئبانا
قوم إذا ولجوا هيجاء معركة *** ظنوا صدور القنا في الصدر أشطانا
( قوم إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم *** طاروا إليه زرافات ووحدانا )
( لا يسألون أخاهم حين يندبهم *** في النائبات على ما قال برهانا )
لكن تأخرت الأيّام بي فمضى *** من المنى ظفراً والمجد حسبانا
فبتّ اُوقر سمع الثاكلات بما *** يشجي وأخطب للباكين آذانا
بكل شاردة الأمثال آنسة *** تعدّها بلغاء الشعر فرقانا
أسفار توراة إنجيل المحبّة قد *** تعلّمت من زبور النوح ألحانا
ذيبية نلت مرضاها فنلت بها *** رضوان يتحفني في الحشر رضوانا
تتلى فتنفث أرواح الثناء كما *** تذكر النازح الأهلين أوطانا
أوردتها حوض آمالي بكم فغدت *** تثير لا تختشي واللّه حرمانا
حملتها من تضاعيف السلام كما *** ضمنتها من لطيف الودّ تبيانا