شعراء القطيف (المرهون)

img

(5) الشيخ عبد الحسين أبو ذيب (المتوفّى سنة 1151 تقريبا)

ذكره (أنوار البدرين) بما نصّه: «الشاعر الأديب الخيّر، الشيخ عبد الحسين أبو ذيب. من شعرائها[1] المشهورين واُدبائها المذكورين، ومن شعراء أهل البيت عليهم السلام، له قصائد في الرثاء مشهورة»[2].

توفّي رحمه الله في حدود العقد السادس من المئة الثانية بعد الألف (تغمده اللّه‏ بالرحمة، وصب على قبره شآبيب الرضوان). ونكتفي من قصائده بذكر نونيّته في رثاء الحسين عليه السلام، وهي من الغرر التي رثي بها سيّد الشهداء (صلوات اللّه‏ عليه):

عجمَ الطلولِ سقاك الدمعُ هتّانا *** ما أفظع الخطب لو أفصحت ما كانا

قد كنت أعهد فيك الربع ملتئماً *** مل‏ء المعاهد جيراناً فجيرانا

دارت على القطب أيدي النائبات فما *** أبقت صروف الردى للقوم تبيانا

أقوت معاهدهم حتى مضوا مثلاً *** للمستبين وللعانين أحزانا

اُقلّب الطرف فيها لا اُطيق بها *** كل الوقوف ولو حاولت أزمانا

حالت فما أبقت الدنيا نضارتها *** وحوّلت روضها الممطور كثبانا

كانت لك الخير للعافي سحاب ندى *** والمؤمنين عداك العتب إيمانا

وكعبة أصبحت طوّاف ساحتها *** لا تختشي من صروف الدهر طوفانا

خانت بها مرجفات السوء فانقلعت *** بالنائبات ويا بؤساً لمن خانا

كأنها لم تكن أضحت أحبّتها *** والقاطنون بها شجواً وأشجانا

في كلّ صقع لهم في الأرض فادحة *** خطب اللبيب إذا سلّى بها هانا

أي الترات التي يا دهر تطلبها *** حتى قصدت لها مثنى ووحدانا

رمت خطوبك أزكى المرسلين بما *** يقذي عيون العلا بالدمع غدرانا

سدّدت سهم المنايا في أرومته *** حتى أصبت له شيباً وشبّانا

فقُدت أشقى غويّ من أذاك إلى *** أزكى العباد أمين اللّه‏ مولانا

والبضعة الحرّة الحوراء كم لقيت *** هوناً يؤجّج في الأحشاء نيرانا

لو صبّ عشر عشير من حوادثه *** في رأس راسية أو جلمد لانا

وسبطه الحسن الزاكي الذي شهدت *** بفضله الآي تفضيلاً وإحسانا

أذقتِه السمّ لم ترعي له نسباً *** شاء العلا شرفاً والمجد عرفانا

وسقت كلّ مثير النقع قسطله *** يوم الطفوف يحيل الترب دخانا

حالت به القبّة الزرقاء وانصبغت *** غبرا بسيطتها بالدمّ ألوانا

بمفرد لم تحطه غير شرذمة *** قد فصلت من نجيع الدم أكفانا

تمثّلوا شخصهم في الخلد وارتحلوا *** وخلّفوا في محاني الطفّ أبدانا

وصافحوا صفحات البيض واعتنقوا *** قبيل ممساهُمُ حوراً وولدانا

سالت على الأسل السامي نفوسهُمُ *** فقرّبوا النحر للأجسام قربانا

ظنّوا قراع المواضي وهي مردية *** وباسقات القنا رَوحاً وريحانا

تخالهم إن نحوا يوماً لمعركة *** بشدّة العدْو في الهيجاء ظلمانا[3]

يثني الجموع فراداهم وما رشفت *** من سائغ الماء بالأفواه قِدحانا

كادت على الجيش أن تأتي بواترهم *** لولا القضاء على الآجال قَد حانا

باعوا على اللّه‏ أرواحاً مقدّسة *** وما رضوا غير دار الخلد أثمانا

أمسوا وريح الصبا تعدو أعاصرها *** ثوباً فيضفي على الأشلاء أردانا

تسنّمت روسهم لما أبوا شرفاً *** من شاهقات القنا الخطّي خرصانا

وراح وتراً بَعيد الدار منفرداً *** من كان يدعى لِعَين العلم إنسانا

قد قلّدته المنايا شطر ساحتها *** من بعدما أهلكت أهلاً وإخوانا

يذوذ حدّ المواضي غير مكترث *** مثل العفرنى إذا وافاك غضبانا[4]

يتبع…

_______________________

[1] يعني عائلة أبي ذيب.

[2] أنوار البدرين 2 : 230 / 46.

[3] جمع ظليم.

[4] العفرنى : الأسد. لسان العرب 4 : 587 ـ عفر.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة