شعراء القطيف (المرهون)

الشيخ جعفر الخطي (المتوفّى سنة 1028)
وقال في مدح صاحب الزمان (عجل اللّه فرجه) مجارياً بها قصيدة البهائي رحمه الله كما أسلفناه:
هي الدار تستسقيك مدمعها الجاري *** فسقياً فأجدى الدمع ما كان للدارِ
ولا تستضع دمعاً تريق مصونه *** لعزّته ما بين نؤي وأحجارِ
فأنت امرؤ بالأمس قد كنت جارها *** وللجارِ حقّ قد علمت على الجارِ
عشوت على اللذّات فيها على سناً *** سناء شموس ما يغبن وأقمارِ
فأصبحت قد أنفقت اُطلب ما مضى *** من العمر فيما بين عُونٍ وأبكارِ
نواصعُ بيض لو أفضن على الدجى *** سناهن لاستغن عن القمر الساري
حرائر يبصرن الاُصول بأوجه *** تغصّ بأمواه النظارة أحرارِ
معاطير لم تغمس يد في لطيمة *** لهنّ ولا استعبقن جُونة عطّارِ
أبحنك ممنوع الوصال نوازلاً *** على حكم ناهٍ كيف شاء وأمّارِ
إذا بتّ تستسقي الثغور مدامة *** أتتك فحيّتك الخدود بأزهارِ
أموسم لذّاتي وسوق مآربي *** ومجنى لباناتي ومنهب أوطاري
سقتك برغم المحل أخلاف مزنة *** تلفّ إذا جاشت سهولاً بأوعارِ
وفجٍّ كما شاء المحال حشوته *** بعزمة عوّاد على الهول كرّارِ
تمرّس بالأسفار حتى تركنه *** لدقّته كالقدْح أرهفه الباري
إلى ماجد يُعزى إذا انتسب الورى *** إلى معشر بيض أماجد أخيارِ
ومضطلع بالفضل زُرّ قميصه *** على كنز آثار وعيبة أسرارِ
سميّ النبيّ المصطفى وأمينه *** على الدين في إيراد حكم وإصدارِ
به قام بعد الميل وانتصبت به *** دعائم قد كانت على جرف هارِ
فلما أناخت بي على باب داره *** مطاياي لم أذمم مغبّة أسفاري
نزلت بمغشي الرواقين داره *** مثابة طواف وكعبة زوارِ
فكان نزولي إذ نزلت بمغدق *** على المجد فضل البرد عارٍ من العارِ
أساغ على رغم الحوادث مشربي *** وأعذب ورد العيش لي بعد إمرارِ
وأنقذني من قبضة الدهر بعدما *** ألحّ بأنياب عليّ وأظفارِ
جهلت على معروف فضلي فلم يكن *** سواه من الأقوام يعرف مقداري
على أنه لم يبقَ فيما أظنه *** من الأرض شبر لم تطبّقه أخباري
فلا غروَ فالإكسير أكبر شهرة *** وما زال من جهل به تحت أستارِ
متى بُلّ بي كفّ فلست بآسف *** على درهم إن لم ينله ودينارِ
فيابن الاُلى أثنى الوصي عليهُمُ *** بما ليس تثني وجهه يد إنكارِ
بصفين إذ لم يلفِ من أوليائه *** وقد عضّ ناب للوغى غير فرّارِ
وأبصر منهم جند حرب تهافتوا *** على الموت إسراع الفراش إلى النارِ
سراعاً إلى داعي الحروب يرونها *** على شربها الإعمار مورد إعمارِ
أطاروا غمود البيض واتّكلوا على *** مفارق قوم فارقوا الحقّ فُجّارِ
وأرسوا وقد لاثوا على الركب الحبا *** بروكاً كهدي أبر كوه لجزّارِ
فقال وقد طابت هنالك نفسه *** رضاً وأقروا عينه أي إقرارِ
(فلو كنت بوّاباً على باب جنة) *** كما أفصحت عنه صحيحات آثارِ
لأثقلت ظهري بالصنيع فلم أكن *** أنوء بأعباء ثقلن وأوقارِ
وكلفتني جرياً وراءك بعدما *** بلغت مكاناً دونه يقف الجاري
فجشمتنيها خطّة لا ينالها *** توثّب مستوفي الجناحين طيّارِ
وأين مجاراة الكميت مجلّياً *** تناول سوء السبق في كلّ مضمارِ
وألزمتني مدح امرئ لو مدحته *** بشعر بني حوّا ودع عنك أشعاري
لقصرت عن مقدار ما يستحقّه *** علاه فإقلالي سواء وإكثاري
إمام هدى طهر نقي إذا انتهى *** إلى سادة غرّ الشمائل أطهارِ
وبَرّ لبرّ ما نسبت فصاعداً *** إلى آدم لم ينمِه غير أبرارِ
ومنتظر ما أخّر اللّه وقته *** لشيء سوى إبراز حقّ وإظهار
له عزمه تثني القضاء وهمّة *** تؤلف بين الشاة والأسد الضاري
وعضب أغبّته الغمود وينتضى *** لإدراك ثارات سبقن وأوتارِ
أبا القاسم انهض واشفِ غِلّ عصابة *** قضى وطراً من ظلمها كلّ كفّارِ
إلام وحتام المنى وانتظارنا *** سحائب قد أظللننا دون أمطار
ذوت نظرة الصبر الجميل وآذنت *** بيأس وإهمال تمادى وإنظارِ
أبح حرم الجور المنيع جنابه *** بجرّ خميس يملأ الأرض جرّارِ
به كل مسجور العزيمة مظهر *** على خشية الجبّار هيبة جبارِ
إذا انحطم الرمح انتضى السيف معملاً *** لأسمر عسّال وأبيض بتّارِ