كشكول الوائلي _ 75

img

ابن هرمة والخمر

لقد كان ابن هرمة شاعرا أديبا، وقلما من الأقلام ذات المنفعة، وكان صديقا للمنصور، فلما وفد على المنصور سأله: ألك حاجة؟ قال: بلى، حاجتي أن توعز إلى الوالي ألاّ يلاحقني في الخمرة بأن يقيم عليّ الحدّ فيها؛ فإني لا أصبر عليها. فقال المنصور: لا أستطيع أن أفعل ذلك أمام الناس واُعطل حدا من حدود اللّه، ولكن اذهب وسوف ترى.

ثم بعث المنصور إلى الوالي فقال له: إذا جاءك من يشهد أن ابن هرمة شرب الخمر، فاجلد ابن هرمة الحدّ ثمانين سوطا، واجلد من شهد عليه مئة سوط. فراح ابن هرمة يسكر في الشارع ويصيح: من يشتري ثمانين بمئة؟ فلم يتجرّأ عليه أحد[1].

وهذا لون من التحايل على حدود اللّه. ولكن الضمير الذي حمل اللّه في داخله لا يمكن أن يتساهل في موقف فيه إساءة للدين ولو بقيد شعرة.

فالآية تقول للنبي صلى الله عليه وآله: أنت موقفٌ، فلا يُزِلك هؤلاء عن موقفك، وأنت تحمل للناس التعليم، وهذا التعليم يدرّبهم على المبادئ الكريمة، فلا تتغيّر إزاء ذلك.

يتبع…

_________________

[1]  جواهر المطالب ابن الدمشقي 2: 311، تاريخ مدينة دمشق 7: 73.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة