حول المشيئة والإرادة
هل المشيئة تسبق الإرادة أم الإرادة تسبق المشيئة؟
الجواب: المشيئة تسبق الإرادة والروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام تقدم المشيئة على الإرادة ومن تلك الروايات ما يلي:
الرواية الأولى: في كتاب الكافي ج1 ص129 عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:
((لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلا بهذه الخصال السبع: بمشيئة، وإرادة، وقدر، وقضاء، وإذن، وكتاب، وأجل ، فمن زعم أنه يقدر على نقض واحدة فقد كفر))
ونقف عند هذه الرواية الشريفة في بعض تساؤلات وهي على النحو التالي:
1) لماذا يحكم بكفر من يزعم أنه يقدر على نقض واحدة؟
الجواب: يحكم بكفره لأنه لم يعترف بما يرتبط بالله سبحانه وتعالى، وأنكره ومن الواضح أن الإنسان لا يقدر على نقض إرادات الله التكوينية والتشريعية.
2) ما معنى المفردات الواردة في الرواية وهي:
المشيئة: ابتداء الفعل.
الإرادة:التهيؤ للفعل والثبوت عليه.
القدر: تعيين الحدود له.
القضاء: الحكم بذلك.
الإذن: وهو تكويني وتشريعي.
والإذن التكويني: كقوله تعالى في سورة البقرة آية 249:
((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله))
الكتاب: ما كتبه في اللوح المحفوظ.
الأجل: يعني أن لكل شيء مدة وهي تطلق على عدة أنحاء وهي ما يلي:
1) تارة تطلق على آخر المدة كقوله تعالى في سورة الأعراف آية 34:
((فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون))
2) تارة يطلق على أول المدة كقولنا: أجل فلان خمسون سنة.
الرواية الثانية: روي في كتاب المحاسن ص244 باب 25 حديث 237 عن يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت:
((لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى قال: قلت: ما معنى شاء؟ قال ابتداء الفعل قلت: فما معنى أراد؟ قال: الثبوت عليه قلت: فما معنى قدر؟ قال: تقدير الشيء من طوله وعرضه قلت: فما معنى قضى؟ قال: إذا أقضاه أمضاه فذلك الذي لا مرد له))
ونقف عند هذه الرواية في بعض التساؤلات وهي ما يلي:
1) ما المراد بالقضاء لغة وعرفا؟
الجواب: المراد بالقضاء لغة وعرفا بمعنى الانتهاء وهو على نحوين:
أ) قضاء تكويني: كقوله تعالى في سورة طه آية 72:
((فاقض ما أنت قاض))
ب) قضاء تشريعي: كقوله تعالى في سورة الإسراء آية 23:
((وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه))
2) ما المراد بالقدر لغة وعرفا؟
الجواب: المراد بالقدر لغة وعرفا هو عبارة عن التقدير بجعل الحدود للشيء ومنه ما روي في كتاب غرر الحكم ودرر الكلم ص233 حديث 4666:
((رحم الله امرءا عرف قدره))
أي حدوده في كل شؤونه كحدوده في كلامه وحركته وسكونه وعلمه وغير ذلك.
ومنه قوله تعالى في سورة القمر آية 49:
((إنا كل شيء خلقناه بقدر))
الرواية الثالثة: روي في كتاب المحاسن ص244 باب 25 حديث 238 عن يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السلام مما رواه محمد بن إسحاق قال أن الرضا عليه السلام قال ليونس مولى علي بن يقطين:
((يا يونس لا تتكلم بالقدر قال يونس: إني لا اتكلم بالقدر ولكني أقول: لا يكون إلا ما أراد الله وشاء وقضى وقدر فقال عليه السلام: ليس هكذا أقول ولكني أقول: لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى ثم قال: تدري ما المشيئة؟ فقال: لا فقال: همه بالشيء أو تدري ما أرد؟ قال: لا قال: إتمامه على المشيئة فقال: أوتدري ما قدر؟ قال: لا قال: هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء ثم قال: إن الله إذا شاء شيئا أراده وقدره وإذا قدره قضاه وإذا قضاه أمضاه))
وصلوات الله على أبي عبد الله الحسين عليه السلام قال لأخيه محمد بن الحنفية:
((شاء الله أن يراني قتيلا وشاء الله أن يراهن سبايا))
وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد
كتب هذا البحث/ حسين آل إسماعيل