كشكول الوائلي _ 60

img

الطعام الحلال

((وَاُحِلَّتْ لَكمُ الأنْعَامُ))، فإن بعض الناس لا زال متأثّرا بالعقائد السابقة، فانتقال المجتمع من حضارة إلى حضارة لا يكون بفترة قصيرة، فالفرق بين الجاهلية والإسلام هو بعثة النبي صلى الله عليه وآله ، فما قبله جاهلية، ولما بعث انتهى عهد الجاهليّة، فهل يمكن لهذه الفترة القصيرة أن تغيّر هذا الإنسان والمجتمع؟ إن هذا الإنسان كان يمارس طقوسا معيّنة، فكان يعبد الأصنام مثلاً خمسين سنة من عمره، وفجأة صار مسلما، فهل يترك وينسى أوّلياته وارتباطاته؟ وهل غُسل صدره فجأة من بقايا هذه الأوّليات؟ بالتأكيد لا، وهذا لا يمكن أن يكون؛ لأن هناك عملية هضم وتمثيل اجتماعي، وهذه العملية كما ينصّ عليها علماء الاجتماع والنفس تحتاج إلى أجيال.

فهؤلاء بقيت عندهم بقايا من العقائد السابقة. فمثلاً كان العرب يتصوّرون في أيّام الجاهليّة أنهم إذا أتوا إلى مكة فلا ينبغي أن يأكلوا دسما كاللحم، أو الطعام الدسم، ولا ينبغي أن يلبسوا الملابس التي فيها خيط حرام، فكانوا يخلعون الملابس ويطوفون بالبيت عراة، فكان الرجال يطوفون بالنهار والنساء بالليل؛ ظنّا منهم أنهم يتقرّبون إلى اللّه‏ بهذا. فالعاري يطوف وليس على بدنه ثوب فيه شبهة، والممتنع عن الدسم ممتنع عن التنعّم والترف[1] اليوم يبدو بعضه أو كلّه  وما بدا منه فلا اُحلّه فنزلت هذه الآية: يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكمْ عِنْدَ كلِّ مَسْجِدٍ . الأعراف: 31. وهذه المرأة هي ضباعة بنت عامر بن قرط، كما عن القاضي عياض. الجامع لأحكام القرآن 7: 189.

يتبع…

_____________________

[1] قال القرطبي: وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة، وتقول: من يعيرني تطوافا؟

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة