عقيدتنا في الميزان ـ 1

img

 ١)ما معنى الميزان لغة؟ وما المراد به في آيات القرآن الكريم؟
 ٢) هل يلزمنا معرفة ماهية الميزان؟
 ٣) لماذا جاء ذكر الميزان بصيغة الجمع في بعض آيات القرآن الكريم؟
 ٤)ما المراد بالميزان في يوم القيامة؟
الميزان في اللغة: هو عبارة عن اسم آلة يوزن بها الشيء.
وأما الميزان في الآيات: فهو عبارة عما يعرف به مقادير الأعمال.
وليس علينا البحث عن كيفية الميزان ، وإنما يجب علينا الإيمان به ، ونفوض كيفيته إلى الله سبحانه وتعالى.
يقول صدر المتألهين قدس سره في الأسفار ج9 ص299:
(إن حقيقة الميزان ليس يجب أن يكون البتة مما له شكل مخصوص، أو صورة جسمانية ، فإن حقيقة معناه وروحه وسره ، هو ما يقاس ويوزن به الشيء ، والشيء أعم من أن يكون جسمانيا أو غير جسماني فكما أن القبان ، وذا الكفتين وغيرهما ميزان للأثقال …… فكذلك علم المنطق ميزان للفكر في العلوم النظرية ، وعلم النحو ميزان للإعراب والبناء، وعلم العروض ميزان للشعر ، والحس ميزان لبعض المدركات ، والعقل الكامل ميزان لجميع الأشياء ، وبالجملة ميزان كل شيء يكون من جنسه ، فالموازين مختلفة ، والميزان المذكور في القرآن يتبغي أن يحمل على أشرف الموازين ، وهو ميزان يوم الحساب ، كما دل عليه قوله تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) وهو ميزان العلوم ، وميزان الأعمال القلبية ، الناسئة من الأعمال البدنية)
وقد جاءت كلمة ميزان في القرآن الكريم بصيغة الجمع ومن أمثلة ذلك من القرآن الكريم ما يلي:
١) قوله سبحانه وتعالى في سورة القارعة الآية رقم 6:
(فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية)
٢) قوله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء الآية رقم 47:
(ونضع الموازين القسط ليوم القيامة)
وقد جاء الميزان بصيغة الجمع في بعض آيات القرآن الكريم وذلك لعدة أسباب منها ما يلي:
السبب الأول: احتمل بعض المفسرين أن يكون لكل إنسان ، أو لكل أمة ، أو لكل عمل ميزانا ، فالصلاة مثلا توزن بميزان ، وكذلك الصيام والحج والزكاة والجهاد أي لكل واحد منها ميزان خاص.
السبب الثاني: أن الميزان واحد لا أكثر ، وإنما جاء بصيغة الجمع لبيان عظمة الميزان وأهميته.
السبب الثالث: لأن لكل نوع من أنواع الطاعات ميزانا، فيقام لكل منها هناك ميزان، فالله سبحانه يخبر عن أنه وضع لكل شيء ميزانا من غير فرق بين أن يكون جسما أو قولا أو فعلا أو عقيدة، فلكل شيء ميزان يميز به الحق من الباطل والصدق من الكذب؟!
واتفقوا على أصل الميزان واختلفوا في ماهيته على عدة أقوال وهي ما يلي:
______________________
١) الميزان كناية عن العدل في الآخرة: بأنه لا ظلم فيها على أحد ، ووضع الموازين هو وضع العدل ، وثقلها رجحان الأعمال بكونها حسنات ، وخفتها مرجوحيتها بكونها سيئات وجاء في تفسير الأمثل في تفسير كتاب الله المرتل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي ج20 ص411 عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه سئل عن الميزان فقال:
(الميزان العدل)
٢) الميزان هو الحساب: فيكون ثقل الميزان وخفته كناية عن قلة الحساب وكثرته وذلك لما رواه العلامة المجلسي في بحار الأنوار ج90 ص105 عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:
(ومعنى قوله: (فمن ثقلت موازينه ومن خفت موازينه) فهو قلة الحساب وكثرته ، والناس يومئذ على طبقات ومنازل ، فمنهم من يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا ، ومنهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، لأنهم لم يتلبسوا من أمر الدنيا بشيء ، وإنما الحساب هناك على من تلبس بها هاهنا ، ومنهم من يحاسب على النقير والقطمير ، ويصير إلى عذاب السعير ، ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة ، فأولئك لا يقيم لهم يوم القيامة وزنا ، ولا يعبأ بهم ، ويوم القيامة هم في جهنم خالدون ، تلفح وجوههم النار ، وهم فيها كالحون)
٣) الموازين هم الأنبياء والأوصياء: لما رواه العلامة المجلسي في بحار الأنوار ج7 ث243 عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قوله تعالى:
(ونضع الموازين القسط ليوم القيامة)
قال عليه السلام:
(الموازين هم الأنبياء والأوصياء)
ولكن كيف يكون الجمع بين كل هذه الأحاديث والأقوال فقد ورد في بعضها أن الميزان بمعنى الوجود المقدس للأئمة عليهم السلام كما في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام:
(السلام على يعسوب الإيمان وميزان الأعمال ، وسيف ذي الجلال)
الجواب: إن تفسير الميزان بالعدل ، أو بالنبي ، أو بالقرآن ، كلها تفاسير بالمصداق ، فليس للميزان إلا معنى واحد وهو ما يوزن به الشيء ، وهو يختلف حسب اختلاف الموزون. وعلى ضوء هذا فالقرآن الكريم ميزان ، كما أن النبي صلى الله عليه وآله ميزان ، والإمام المعصوم عليه السلام ميزان ، ويعتقد بعض المحققين أن الأئمة عليهم السلام وأولياء الله بمنزلة كفة الميزان الأولى وأعمال الإنسان وعقائده ونياته بمنزلة الكفة الأخرى ، فيوازن بينهما يوم القيامة ، فتقام الموازنة بين الناس من جهة ، وأولياء الله من جهة أخرى ، فكلما كانت أعمالنا وعقائدنا شبيهة ومقارنة لأولياء الله فسيكون ميزان أعمالنا ثقيلا وهذا ما يتناسب مع قوله تعالى:
(ومن خفت موازينه ومن ثقلت موازينه)
٤) موازين كموازين الدنيا: لكل ميزان لسان وكفتان توزن به الأعمال من الحسنات والسيئات وذلك أخذا بظاهر اللفظ واختلفوا في الموزون الأعمال أم صحائفها.

يتبع…

وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد
كتب هذا البحث/ حسين آل إسماعيل

الكاتب حسين آل إسماعيل

حسين آل إسماعيل

مواضيع متعلقة