كشكول الوائلي _ 47

img

حديث الإفك

كما كانوا قد لعبوا دورا خطرا في قضيّة الإفك، وهي حادثة عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وآله بعدما حملها صفوان، وبدأت الألسن تلوك عرض النبي صلى الله عليه وآله . وكان أن حاول البعض استغلال ذلك الموقف بما يتماشى مع نفسيّته، حيث نُسبت في ذلك أقوال للصحابة، ومنها أنهم نسبوا للإمام علي عليه السلام حينها أنه حينما بعث إليه النبي صلى الله عليه وآله وكلّمه حول ذلك قال له الإمام عليه السلام ـ حسب مايدعون ـ : «النساء كثير»[1]. أي بوسعك أن تطلّقها وتتزوّج غيرها. وهذا ليس من خلق الإمام عليه السلام . فنحن نعرف معدن الإمام، والدليل على ذلك أنه دخل بين جبلين من الجثث في واقعة البصرة حتى جاء إلى هودج عائشة وهو في ذلك الجوّ الانفعالي، وقال لها: «ما أنصفك الذين أخرجوك من بيتك إذ صانوا حلائلهم وأبرزوك»[2].

ثمّ وضع لها بيتا وعشرين خادمة، فتأمل النبل.

فالإمام علي عليه السلام لم تصدر منه هذه الكلمة أبدا، ومازنت زوجة نبيّ قطّ وهذه كتبنا وعقائدنا، فائتِ بواحد من الشيعة يتّهم زوجة نبي! والأربعة الذين رووا حادثة الإفك هم من غيرنا. ومع ذلك يتقوّلون علينا ويتّهموننا بأننا نتطاول على اُمّ المؤمنين، فما معنى هذا؟ هل نتّهم عرض النبيّ صلى الله عليه وآله ؟ طبعا لا، أمّا أنها خرجت على إمامها وقاتلته فنعم، ونحن نقول الواقع، فالذين تخلّفوا عن أداء جزء من الحقوق الشرعيّة قاتلهم أبو بكر واعتبرهم الخصم مرتدّين، ونحن نقول: التي تقاتل إمامها، بم يمكن أن نصفها؟ وكيف يمكن أن نعتبرها؟ ولا تقل: تابت؛ لأن هذا شيء آخر.

والخلاصة أنه لا يوجد مسلم يؤمن باللّه‏ ورسوله يتجرّأ على قذف عرض النبي صلى الله عليه وآله ، فعرضه منزّه البتة.

فهؤلاء المرجفون في المدينة كانوا شريحة كبيرة، وكانوا يستخدمون حرب الإشاعات التي تعتمدها الآن الدول المتحضّرة. وقد قرأت إحصائيّة في بعض كتب التفسير أن إسرائيل عندها (890) مؤسّسة للإشاعة والإعلام، فالإشاعة تلعب دورها في تحطيم الإنسان. وقد تجد وضيعا ينشر رواية أو نظريّة تمجّد صنما أو تسقّط الآخرين.

فهذه الشرائح الثلاث المعاصرة للرسول صلى الله عليه وآله ـ ومنهم المرجفون الذين هم أهل الإشاعات وبثّ التفرقة وإهدار كرامات الناس، ومحاولة الإطاحة بعلاقاتهم وبهم ـ ألا يجب أن نقيّمها؟ نحن نتّبع منهاج القرآن ومنهاج الرسول صلى الله عليه وآله في تقييم هؤلاء وغيرهم؛ ولذلك فإننا عندما نقرأ: «إن خير القرون القرن المعاصر للنبي صلى الله عليه وآله ثم الذي يليه فالذي يليه»[3] فإننا نرفض هذا؛ إذ أن في هذا القرن يوجد مؤمنون، وهم نعمة من اللّه‏، ويصعدون لمستويات عالية في الشرف، وكذلك يوجد ملحدون ومنافقون، فهل من اللائق وضع هؤلاء في مصافّ اُلئك المؤمنين؟

يتبع…

_________________________

[1] مجمع الزوائد 9: 236، المعجم الكبير 23: 124، مسند الشاميّين الطبراني 3: 334، الدّر المنثور 5: 28 .

[2] شجرة طوبى 2: 324، وقعة الجمل ضامر بن شدقم: 146 .

[3] سنن أبي داود 2: 179 / 3659، فتح الباري 7: 5.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة