أهمية التربية ـ 1

مصطفى آل مرهون
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ (التحريم: 6).
إن التربية حسب المعنى اللغوي عبارة عن تعاهد الطفل بالتغذية والرعاية وحسن القيام عليه حتى يفارق طفولته، وهو شامل لتنمية مداركه وعقله، وفي الحديث لك نعمة تربّها أي تحفظها وتراعيها.
وفي المصطلح العلمي لم يستقر العلماء على رأي واحد. ونذكر منه:
أولاً: إن أسبق تعريف هو لأفلاطون، حيث قال: «التربية إعطاء الجسم والروح كل ما يمكن من الجمال»، وشمل هذا التربية الروحية والبدنية.
ثانياً: وحددها هربت بقوله التربية اعداد الإنسان ليمحى حياة كاملة. وهذا مقتصر على التربية النفسية
ثالثاً: وأوثق تعريف ما أولى به (جون ديوى) من أنها عملية تكيّف ما بين الفرد والبيئة، فيقول: «التربية هي صوغ وتكوين لفعالية الأفراد، ثم صبها في قوالب معينة، أي تحويلها إلى عمل اجتماعي مقبول من الجماعة».
المدلول التربوي
أما المدلول التربوي حسب ما ذكره المعنيون بهذه البحوث فله معنيان: أحدهما عام، والآخر خاص.
فالتربية بالمعنى العام تشمل كل شيء يؤثّر في بناء الأخلاق، سواء صدر من نفس الإنسان أم من غيره، بل حتى الأمور التي هي خارجه عن الاختيار، كالمناخ وطبيعة الأرض، لها دخل في التربية وفي بناء الشخصية، فإذا نظر الإنسان إلى صورة رائعة وأثّرت في نفسه فلابد أن يكون لها تأثير في تربية خياله وذوقه، وكثيراً ما نسمع ما يقوله الناس: «ربتني الأيام، أو رباني الزمن، أو ربتني الحوادث». ومن الطبيعي أن كل هذه الأمور خارجة عن الاختيار.
فالتربية بمعناها العام تشمل ما تورثه عوامل التربية الثلاث: (الوراثة، البيئة الإرادة) من آثار في تنمية القدرة والاستعداد البشري، سواء أكانت هذه الآثار ناشئة عن قصد أم غير قصد، فكل ما يصدر منه أو من غيره أو بيئته الاجتماعية التي تؤثر في نفس الإنسان وفي كيانه المادي وغيره في دور النطفة أو في عهد آبائه كل هذا له أثره في تربية الإنسان ويعدّ من التربية بالمعنى العام.
المعنى الخاص، ويقصد به انتقال الاُسس التربوية والثقافية من جيل إلى جيل. ويقول بعض المربين في تحديدها أنه ما قصر على المساعي التي توجه نحو تقويم الناشئين في ناحية خاصة من نواحي الحياة كتنظيمهم وتقويم أخلاقهم.
وملخص الكلام، أن التربية بمفهومها الخاص لا تثمر في بناء الكيان الشخصي ما لم تنسجم مع التربية العامة التي هي عبارة عن المؤثرات الاجتماعية.
يتبع…