تأملات قرآنية تأملات في سورة النصر ـ 3

img
بسم الله الرحمن الرحيم
(ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) 
وإذا كان الدخول هو نهاية ما يأمله المنتصر، وبه يتحقق نصره، وتستمر دعوته..
فإن الله سبحانه يربط بين ( النصر والفتح ) يقول سبحانه (ورأيت الناس يدخلون..)
لتسهم هذه الواو العاطفة في توطيد الثلاثي التكاملي في اللوحة الأم ، فهاهنا (نصر وفتح ودخول) ولكن الانحراف التصويري لهذا الدخول وتحويره إلى جملة فعلية متراكبة (رأيت) (يدخلون) يزج المتلقي في بؤرة الحدث الذي كان مرتقباً، ويجعله بعيش الحدث ويعاين الحركة بكل أبعادها.
كان المتلقي هناك (إذا جاء نصر الله والفتح) في صورة شفافية خلف الوجود الحقيقي، وهو (الله)، حتى المجيء كان محذوف المفعول (جاء نصر الله)، ولم يعلم المتلقي أن هذا النصر يصله، ويكون له نصيب منه أم لا (إذا جاء نصر الله) وكفى .. لاتبحث عن ذاتك في جنب الله، فالله كفيلك وكافيك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (سورة محمد) أما كيف يكون ذلك النصر؟ ومتى ومع من وفي أي زمان وعلى أي حال ؟! … كل ذلك لادخل للمتلقي فيه (إذا جاء نصر الله)
وعلى هذا الوزن جاء (الفتح) بأي مفهوم يمكن أن يتصوره المتلقي فتحاً له .. ولكنه (الفتح) وكفى .. (نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) ( الصف13)
أما الصورة في (رأيت) و (يدخلون) فهي تتماوج بالحركة التبادلية بين الرائي (المتلقي الأول) وبين (الناس) الذين يبرزون في المشهد المتحرك ، متداخلة أصواتهم وحركاتهم مجيئاً وذهاباً في حركة صاخبة نحو التحرر و (الدخول) في شأن جديد من هدفهم الذي أخذ يتغلغل في أعماقهم درجةً بعد درجة  (في) أعماق (دين الله) الذي باتوا ينشدونه ليدخلوا معك في سلك لنصر الله) (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال10)
إنها حركة الدخول (في دين الله) (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف40) الدين الذي يحكي فطرة الإنسان، ويسمو به في مدارج الكمال…
يتبع…
التتمة في اللقاء 4
بإذن الله وتوفيقه 
أسألكم الدعاء 
صالح السعود

الكاتب صالح السعود

صالح السعود

مواضيع متعلقة