أقم الصلاة ـ 2

img

النقطة الثانية: أنها توقظ الإنسان من الغفلة والغرق في الحياة المادية ولذاتها ونسيان الهدف من خلقه؛ وذلك بتعددها في الليل والنهار.

النقطة الثالثة: أنها تعلّم الإنسان التواضع لله وتُبعده عن الكبر وحب الأنا؛ وذلك لأنه يسجد لله ويضع جبينه على التراب ويستصغر نفسه أمام عظمة ربه تعالى. وفي نهج البلاغة: «وَالصَّلَاةَ تَنْزِيهاً عَنِ‏ الْكِبْرِ»([1]).

النقطة الرابعة: أنها تقرّب الإنسان من ربه؛ لأنها كما يقول×: «الصلاة قربان كل تقي»([2])، حيث لا حاجز بينه وبين ربه في مناجاته، مما يؤدي إلى جر الإنسان إلى تربية الفضائل النفسيه في ذاته. ولذلك تحتاج إلى عنايه خاصة باعتبارها من أكبر التكاليف. يقول أمير المؤمنين×: «الله الله في صلاتكم فإنها عمود دينكم»([3]). وإذا انكسر عمود الخيمة فلا قيمة لبقية الأوتاد. ويقول الصادق×: «أول ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قبلت قبل سائر عمله، وإن رُدّت رُدّ سائر عمله»([4]).

وبهذا فإنها تعطي القيمة والروح لسائر أعمال الإنسان، فتعرّج بها إلى أوج الكمال، وبذلك يكون قريباً من الله تعالى.

النقطة الخامسة: أنها تحمله على تطهير الذات والسلوك الحسن، فلا يغصب ولا يستعمل الحرام ويبتعد عن النجاسات من خلال الماء والمكان واللباس، ويؤدي حقوق الله والناس، إلى غير ذلك.

فقد ورد: «لا تقبل صلاة شارب الخمر أربعين يوماً إلا أن يتوب»([5]). وورد «لا تقبل صلاة الإمام الظالم»([6]). وفي بعض الروايات: «لا تقبل صلاة مانع الزكاة، أو يأكل السحت والحرام، ولا من يأخذه العجب والغرور».

وفي الرواية عن الرضا×: «إنّ علّة الصّلاة أنّها إقرار بالرّبوبيّة للَّه عزّ و جلّ، وخلع الأنداد، وقيام بين يدي الجبّار جلّ جلاله بالذّلّ و المسكنة، والخضوع والاعتراف والطّلب للإقالة من سالف الذّنوب، ووضع الوجه على الأرض كلّ يوم إعظاما للَّه عزّ وجل، وأن يكون ذاكراً غير ناسٍ ولا بطر، ويكون خاشعاً متذلّلاً راغباً طالباً للزيادة في الدّين والدّنيا مع ما فيه من الإيجاب و المداومة على ذكر اللَّه عزّ و جلّ باللّيل والنّهار لئلّا ينسى العبد سيّده ومدبّره وخالقه فيبطر ويطغى ويكون فى ذكره لربّه وقيامه بين يديه زاجراً له عن المعاصي ومانعاً له عن أنواع الفساد»([7]).

النقطة السادسة: أن روح الصلاة ذكر الله تعالى، الذي هو حياة للقلوب ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [رعد: 28]. وفي سورة طه إشارة إلى هذه الحكمة من الصلاة إذ الخطاب لموسى× ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14].

وفي الرواية: سئل الرسول‘: أي الأعمال أفضل؟ فقال‘: «أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله»([8]).

النقطة السابعة: أنها تعوّد الإنسان على الالتزام باعتبار أنها في أوقات محددة ﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78]. فتقديمها أو تأخيرها عن وقتها يبطلها.

هذا وإذا كانت الصلاة جماعة فإن فيها الخير الذي لا يحصى، ولذلك لا تترك حتى في الحروب كصلاة الخوف.

________________

([1]) نهج البلاغة (تحقيق صبحي الصالح): 511/ 252.

([2]) نهج البلاغة (تحقيق صبحي الصالح): 494/ 136.

([3]) روضة الواعظين: 136.

([4]) بحار الأنوار 10: 394.

([5]) مستدرك الوسائل 17: 57/ 20737.

([6]) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل 12: 408/ 9.

([7]) علل الشرائع 2: 317/ 2.

([8]) المحجة البيضاء 2: 267.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة