الوالدين ـ 2

img

واجب الولد تجاه والديه

ويجب على الولد نحو والديه أربعة أمور:

الأمر الاول: حب والديه، وهو أمر فطري في قلب الولد، حيث يشعر من طفولته أنه منجذب نحو والديه المملوءين عطفاً وحناناً عليه، فينمو هذا الحب حتى يصير شفقة، فيعمل من أجل سعادتهم كما كانوا له.

الأمر الثاني: شكره لهما، حيث هما سبب وجوده في الحياة الدنيا، وهما اللذان ربياه، حتى يقرن مع الشكر العمل لنفعهما وتخفيف أعباء الحياة عنهما بلا من ولا ضجر، بل بالعطف والصبر كما صبرا على إنشائه وتعليمه والدعاء له والرضا عنه.

يقول تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23 ـ 24].

وقال رسول الله‘: «بر الوالدين أفضل من الصلاة والصدقة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله»([1]).

الأمر الثالث: الطاعة لهما، وهو دليل على الإخلاص والمحبة، كما عليه أن يعتقد أن الفوز والنجاح في امتثال أوامرهما، باعتبارهما أخبر منه في الحياة، ولا يهمهما إلا نفعه وسعادته.

الأمر الرابع: احترامه لهما برعاية الأدب في سلوكه معهما، بحسن المعامله حتى إذا كبرا تحمل ما يبدو منهما مهما كان مخالفاً للصبر والعقل، وأن يتعطف في إرشادهما إلى الصواب والخير.

الشباب الثلاثة

جاء عن النبي‘ أنه قال: «إن ثلاثة نفر انطلقوا إلى الصحراء فمطرتهم السماء، فلجأوا إلى كهف في جبل ينظرون إقلاع المطر، فبينما هم كذلك إذ هبطت صخرة من الجبل وجثمت على باب الغار، فيئسوا من الحياة والنجاة، فقال أحدهم: لينظر كل واحد منكم إلى أفضل عمل عمله فليذكره ثم ليدع الله تعالى عسى أن يرحمنا وينجينا.

فقال أحدهم: اللهم إنك تعلم أني هويت امرأة، ولقيت في شأنها أهوالاً حتى ظفرت بها ولكني تركتها خوفاً منك، فإن كنت تعلم أنه ما حملني على ذلك إلا مخافتك فأفرج عنا، فمالت الصخرة عن مكانها حتى دخل عليهم الضوء.

وقال آخر: اللهم إنك تعلم إني استأجرت أجراء، فعملوا لي فوفيتهم أجورهم إلا رجلاً واحداً ترك أجره عندي، وخرج مغاضياً، فربيت أجره حتى نما وبلغ مبلغاً، ثم جاء الأجير فطلب أجرته، فقلت: هاك ما ترى من المال، فإن كنت عملت ذلك لك فأفرج عنا، فانفرجت الصخرة، حتى لو شاء القوم أن يخرجوا لقدروا.

فقال الثالث: اللهم إنك تعلم أني كنت باراً بوالدي، وكنت آتيهما بغبوقهما فيغتبقانه، فأتيت ليلة بغبوقهما فوجدتهما قدناما، وكرهت أن أوقظهما، وكرهت الرجوع، فلم يزل ذلك دأبي حتى طلع الفجر، فإن كنت عملت ذلك لوجهك فأفرج عنا، فمالت الصخرة وانطلقوا سالمين. فقال ‘: «من صدق نجا».

قال الشاعر:

إن للوالدين حقاً علينا *** بعد حق إلاله في الاحترام
أوجدانا وربيانا صغاراً *** فاستحقا نهاية الإكرام([2])

اللهم لا تحرمنا من صالح دعائهما؛ فإن دعائهما مستجاب.

__________________

([1]) شرح رسالة الحقوق: 577.

([2]) شرح رسالة الحقوق: 577.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة