كشكول الوائلي _ 37

img

زوجة المختار

عدّ من العار على الزبيريّين قتلهم زوجة المختار بن أبي عبيدة وهي عمرة بنت النعمان بن بشير:

إن من أعجب العجائب عندي *** قتل بيضاء حرة عطبولِ

قتلوها ظلما على غير جرم *** إن للّهدرها من قتيلِ

كتب القتل والقتال علينا *** وعلى المحصنات جرّ الذيولِ[1]

فصاروا سبّة وصارت عليهم عارا.

بل إن المرأة إذا رماها أحد بحجر أو عصا عيّروه. فالإسلام كرّمها؛ لأنها تحمل شرف الاُمومة وكونها ولدت الأنبياء والعباقرة والعظماء، وهي الوعاء الذي يصنع الدنيا، والحضن الذي يُربّي الأخلاق والصدق والوفاء … .

 

موقف لعبد الله بن جعفر

حاول أحد غلمان عبد اللّه‏ بن جعفر التزلّف له بعد واقعة الطفّ، فقال له ناعيا ولديه: هذا ما لقينا من الحسين بن علي. فأخذ عبد اللّه‏ نعله وحذفه به وقال: يابن اللخناء، أللحسين تقول هذا؟ واللّه‏ لو شهدته لأحببت ألاّ اُفارقه حتى اُقتل معه، واللّه‏ إنه لممّا يسخي بنفسي عنهما ويعزّي عن المصاب بهما أنهما اُصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه. ثمّ قال: إن لم أكن آسيت حسينا بيدي فلقد آساه ولداي[2].

خرجت زينب عليهما السلام، وأناط بها الحسين عليه السلام مجموعة من الوظائف منها قيادة الحملة مع ما فيها من الرجال والنساء، فالحسين عليه السلام يوظّفها لدور الإسلام في واقعة الطفّ، فنرى موقفها في ليلة العاشر من المحرم وموقفها في صبيحته وموقفها بعد المعركة في مجلس ابن زياد ثم في مجلس يزيد، نراها تمارس دورها الإعلامي على أتمّ وجه، وهو دور بطولي شرحت فيه للناس ما صنع الاُمويّون، ثم مارست ذلك الدور في المدينة، ممّا اضطرّهم لأن يخرجوها من المدينة وينفوها منها إلى مصر على رأي بعض الروايات أو إلى الشام على رأي البعض الآخر[3]، والروايات متكافئة.

وهذا ليس مهمّا، فزينب محفورة في قلب كلّ مسلم، يقول الشيخ الصدوق: دخلت على الحسين عليه السلام ليلة العاشر وهو يقرأ القرآن، فوضع القرآن على المحراب وتوجّه إليها واشترك معها في المصائب. وكانت شريكته في الكفاح.

يتبع…

___________________________

[1] الأبيات لعمر بن أبي ربيعة، والقصة هي أنه لمّا أمعن المختار في قتل قتلة الحسين عليه ‏السلام جعلوا يفرّون إلى البصرة التي كانت ولا تزال في ملك الزبيريّين، ففرّ إليها شبث بن ربعي، ومحمد بن الأشعث وغيرهما إلى نحو عشرة آلاف من قتلته عليه‏ السلام، وجعلوا يستغيثون بمصعب ابن الزبير، وكان عاملاً لأخيه على البصرة، ويسألونه النصر لهم والمسير معهم لحرب المختار بالكوفة. وما زالوا به حتّى استقدم المهلّب بن أبي صفرة بجيوش من فارس وكان عاملاً لهم عليها وسار بذلك الجيش مع من معه بالبصرة إلى حرب المختار. وما زال القتال قائما بين الفريقين إلى أن قتل المختار رحمه‏الله يوم 15/ 9/ 67 ه ، بعد (18) شهرا من ملكه.   وبعث مصعب إلى حرم المختار ودعاهن إلى البراءة منه، ففعلن إلاّ امرأتين له إحداهما اُمّ ثابت بنت سمرة بن جندب الفزاريّ وثانيتهما عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاريّ، فإنهما قالتا: كيف نتبرّأ من رجل يقول: ربي اللّه‏، وكان صائما نهاره قائما ليله، وقد بذل دمه للّه‏ ولرسوله صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله في طلب ثأر ابن بنت رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله؟   فكتب مصعب إلى أخيه عبد اللّه‏ بخبرهما، فكتب إليه: إن تبرّأتا منه، وإلاّ فاقتلهما. فعرضهما مصعب على السيف فرجعت ابنة سمرة وتبرّأت منه، وقالت: لو دعوتموني إلى الكفر مع السيف لأقررت. وأبت ابنة النعمان وقالت: شهادة اُرزقها، ثمّ أتركها؟ يا رب، إنها موتة ثمّ الجنّة والقدوم على رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله وأهل بيته الطاهرين. ثمّ قالت: اللهم اشهد أني متّبعة لنبيّك وابن بنت نبيّك وأهل بيته وشيعته. فأمر بها مصعب فاُخرجت إلى ما بين الكوفة والحيرة، وقتلت صبرا. وفيقتلها قال عمر بن أبي ربيعة القرشيّ أبياته هذه.   تاريخ الطبري 3 : 451 ـ 494 ، الكامل في التاريخ 4 : 211 ـ 278، البداية والنهاية 8 : 289 ـ 313 .   والعطبول: المرأة الجميلة الفتيّة الطويلة العنق الشبيهة بالظبية. لسان العرب 9: 265 ـ عطبل.

[2] الإرشاد 2: 124، بحار الأنوار 45: 124، تاريخ الطبري 4: 357.

[3] انظر: وفيات الأيمة: 467، 468، مستدرك سفينة البحار 4: 316 ـ 317، من كتاب السيدة زينب.

 

الكاتب الادارة

الادارة

مواضيع متعلقة