كشكول الوائلي _ 33

img

قانون الوراثة ودوره في نشأة الحسين (عليه السلام)

إذا عرفنا هذا فلنرجع إلى الصفات التي أخذها الحسين (عليه السلام) تبعآ لهذا القانون، وقبل هذا نودّ أن نؤكّد على حقيقة أن الشخصيّة إنما تصنعها التربية والحضارة وما يتحدّر من الوراثة. والحسين (عليه السلام) قبل كلّ شيء هو ابن رسول الله القائل: «كلّ بني اُمّ ينتمون إلى عصبتهم إلّا بني فاطمة فإنني أنا أبوهم»، أي أن كلّ أبناء رجل لا ينتمون إلى أهل زوجته بل إلى أهله هو؛ لأن هذا هو نتيجة قانوني الوراثة والتربية. فلماذا هذا الإصرار إذن من الرسول الأكرم حول أبناء فاطمة؟ وما الذي يريد قوله؟ الحقيقة أنه كان يعلم بما سيجري بعده على الحسين وأبناء الحسين، ولذا نجد أن العروش التي عاصرت أهل البيت : ـ وهي عروش الاُمويّين وعروش العباسيّين ـ كان الجالسون عليها يحاولون بشتّى الوسائل أن يبعدوا الحسنين (عليهما السلام) عن رسول الله، ونفي نسبتهما له وإثبات نسبتهما لعلي (عليه السلام). والغرض الوحيد الكامن وراء هذه المحاولة هو نفي الخلافة عنهما وعن أبناء الحسين (عليه السلام)؛ لأنهم إذا اثبتوا أنهم أبناء الرسول، فهذا يعني أنهم أصحاب الخلافة الشرعيّة ووارثوها الحقيقيّون، وليس غير ذلك، ولم يهمّهم من الأمر أكثر من هذا.

ولذا نجد أن النبي يؤكّد على هذا المعنى كثيرآ لأنه كان ينظر من وراء الحجب، ومن عالم الغيب، فكان يكثر من قول: «ابناي». ولولا ذلك لكان معنى قول الرسول: «حسين منّي وأنا من حسين» تحصيل حاصل؛ لأن كلّ إنسان يعرف أن الولد ابن أبيه فلا داعي لذكره من قبل الرسول؛ لأنه جزء منه، لكن الإصرار منه؛ لأنه يريد أن يؤكّد سنخيّة الحسين (عليه السلام) له؛ لأن «من» هنا سنخيّة لبيان النوع والجنس. وبتعبير آخر: هو ممّن يحمل صفاتي وأخلاقي وآدابي وعلمي. وهذا الأمر قد تنبّه له عمر بن سعد يوم الطفّ حيث قال مخاطبآ جيشه: إنه لو وقف فيكم هكذا يومآ كاملا لما حصر؛ فإن بين جنبيه نفس أبيه.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة