الشرك ـ 1

img

مصطفي آل مرهون

﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13]

الشرك هو عبادة غير الله من أصنام وأوثان أو أشجار أو حيوان أو قبور أو أجرام سماوية أو قوى طبيعية، أو اتخاذ البشر آلهة، أو الزعم أن لله تعالى بنين وبنات.

وقد بيّن الله تعالى فساد الإشراك بقوله: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ [النساء: 116].

وبما أن الشرك وليد الجهل والوهم فهو يجلب من المساوئ للمجتمع الإنساني ما لا تجلبه عقيدة أخرى، ونراه بجانب مناقضته للعقل والمنطق يجعل الأذهان طيعة لقبول كلام الأوهام والخرافات والأساطير التي تهدم كيانه وتضعفه وتقف حاجزاً دون رقيّه وازدهاره.

كما تصدى الإسلام لمحاربة الأشراك، وكانت غايته من ذلك تحرير الإنسان من الخضوع لأي مخلوق على هذه الأرض، صنع الإسلام ذلك؛ لأنه أراد للإنسان هدفاً أسمى مما في عالمه، أراد أن يكون خضوعه وأن تكون طاعته لغير من يجوز عليه التغيير والفناء، والمتغير الفاني ليس إلا أشخاص هذا العالم الذي نعيش فيه. أراد له هذا لأن خضوع الإنسان للمتغير الذي يعتريه الفناء معناه التقلب في الانقياد على نحو يجعل الإنسان مضطرباً في التوجيه في حياته، ومضطرباً في الغاية ومضطرباً في دوافع العمل والسلوك.

فهذه المهاجمة كانت لأجل أن يرفع الإنسان من عبادة الشخص المحدّد المتغير الفاني إلى ما وراء ذلك مما له الدوام والاستقرار، وإذا كان له الدوام والاستقرار كان حتماً له الكمال، وإذا كان دائم الكمال شرف الإنسان بالخضوع له: لأنه أعلى قيمة منه، وبقيت كذلك وجهته في الحياة ثابتة لا تبدُّل فيها، وهي وجهة الكمال المطلق.

ولقد جاء في القرآن: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ…﴾ [الإخلاص: 1]. وقال تعالى: ﴿لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [مريم: 17]

وللشرك مظاهر عديدة منها:

عبادة الأهواء

من أنواع الأشراك انقياد الإنسان إلى هوى نفسه، فلا يهوى شيئاً الا اتبعه، وهذا ما ذكره القرآن ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ [الفرقان: 43].

ومن أبرز الأهواء الي ألّهها الإنسان وصيّر نفسه عبداً لها: المال والجاه.

فالمال ذلك المعبود الطاغي الذي سيطر على عقول كثير من الناس وجعل حياتهم مسخرة لجمعه وطلب الرفاهية عن طريقه والاقتتال في سبيل جمعه، فألهى الناس عن ربهم وصرفهم عن القيام بواجب الشكر له والتزام حدود أوامره.

والقرآن لم يغفل عن التحذير من سلطان المال وتأثيره على الجماعات فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المنافقون: 9].

فالمال يصبح عدواً للإنسان عندما يسيطر على حواسه ويؤدي به إلى ترك عبادة ربه والبذل في سبيل مرضاته.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة