الموت ـ 3

img

مصطفى آل مرهون

دينار وأمه

كان عندها ولد يتيم علّمته القرآن وربّته، ولما كبر صار مع الشهوات وهي تكرر عليه: خاف الله فإن لله سطوات، فأثّرت عليه، فمر يوم على المقبرة فرأى عظماً وإذا هو يقول إنه عظم مثل عظمي، فتذكر كلام أمه أن الدنيا أيام وتنتهي، فحرك العظم بيده وإذا هو فتات، فقال: كأني بك يادينار وقد صار عظمك فتات. قال: اللهم إني لك تبت.

فجاء إلى أمه، فقال: العبد الآبق إذا رجع إلى مولاه ما يصنع به؟ فقالت: يغلل يديه ويقيد رجليه ويلبسه الشعر ويطعمه الخشن. فقال: نعم، إفعلي بي كذلك. ففعلت وبقي يصلي ويقرأ القرآن حتى ذاب جلد خديه. فقالت: كفى. فقال: لا، اتركيني حتى أتعب قليلاً لعلي أستريح طويلاً وهي تقول: غفر الله لك… إلى أن قرأ آية ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾ [الصافات: 24]، فُبكى حتى غُشي عليه. فقال: أُماه، أشعر أني سأموت. فقالت: فأين ألقاك؟ فقال: إذا لم تريني في المحشر فاسألي عني مالك خازن النيران، اسأليه: ابني في أي وادٍ من أودية جهنم.

القسم الثالث: العارفون الذين يكثرون ذكر الموت

لأنه موعد اللقاء مع الحبيب، والمحب لا ينسى موعد لقاء حبيبه، متى ينبعث أشقاها، وينبغي أن لا يحبوا الموت إلا لأجل التزود من الأعمال وتحسين الأخلاق والأحوال.

القسم الرابع ـ  وهو الأعلى ـ : المفوضون

وهم الذين يفوّضون أمرهم إلى الله ولا يختارون لأنفسهم موتاً ولا حياةً، وأحب الأشياء لديهم ما يختار لهم مولاهم.

الإمام الباقر (عليه السلام) وجابر

دخل الإمام الباقر× على جابر بن عبد الله الأنصاري (رضوان الله عليه) فقال له وقد اكتنفه المرض: «كيف تجد حالك؟» قال: أنا في حال الفقر أحبّ إليّ من الغنى، والمرض أحبّ إليّ من الصحة، والموت أحبّ إليّ من الحياة. فقال الإمام×: «أما نحن أهل البيت فما يرد علينا من الله من الفقر والغنى والمرض والصحة والموت والحياة فهو أحب إلينا»([1]).

______________

([1]) جامع السعادات 3: 229.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة