التأديب الإلهي: أنواعه، وأغراضه

img
عام 0 ----

إعداد: الأستاذ حسين آل إسماعيل

قال الرسول صلى الله عليه وآله: (( أدبني ربي فأحسن تأديبي ))

انطلاقا من هذا الحديث الشريف نتحدث حول ثلاث نقاط وهي ما يلي:

النقطة الأولى: ما هي أنواع التأديب الإلهي؟

النقطة الثانية: ما هو الغرض من التأديب؟

النقطةالثالثة:ما هي أنواع العقوبةالإلهية؟

التأديب الإلهي إلى الإنسان على ثلاثة أنواع:

1) التأديب القرآني العام: وهو عبارة عن الأسلوب التربوي الذي انتهجه القرآن الكريم في تربية المسلمين ، وقد ملئ القرآن الكريم بهذا النوع في ضرب الأمثال وذكر القصص ، ومن الآيات القرآنية حول ذلك ما يلي:

قال تعالى في سورة النحل آية 112: (( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة))

قال تعالى في سورة فصلت آية 34: (( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة))

قال تعالى في سورة الشعراء آية 88 و 89: (( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم))

هذه الآيات ونظائرها تعطينا زخما عظيما من أساليب التربية والتأديب والتي تدعو الإنسان إلى نبذ الحياة الدنيا وزخرفها والتعلق بالله تعالى ومجازاة السيئة بالحسنة وما إلى ذلك.

2) التأديب بالعقوبة: وهو من أخطر أنواع التأديب  ونذكر مثالا على ذلك النوع من التأديب في بحار الأنوار ج2 ص40 عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:

(( كان لموسى بن عمران عليه السلام جليس من أصحابه قد وعى علما كثيرا ، فاستأذن موسى في زيارة أقارب له ، فقال له موسى عليه السلام: إن لصلة القرابة لحقا ، ولكن إياك ان تركن إلى الدنيا فإن الله قد حملك علما فلا تضيعه وتركن إلى غيره ، فقال الرجل: لا يكون إلا خيرا ، ومضى نحو أقاربه وطالت غيبته ، فسأل موسى عليه السلام عنه فلم يخبره أحد بحاله ، فسأل جبرئيل عليه السلام عنه فقال له: أخبرني عن جليسي ألك علم به؟ قال جبرئيل: نعم هو ذا على الباب قد مسخ قردا في عنقه سلسلة ففزع موسى عليه السلام إلى ربه وقام إلى مصلاه يدعو الله ويقول: يا رب صاحبي وجليسي فأوحى إليه يا موسى لو دعوتني حتى تنقطع ترقوتك ما استجبت لك فيه ، إني كنت حملته علما فضيعه وركن إلى غيره))

3) التأديب الفطري: وهو عبارة عن التأديب الإلهي الذي يغرس في فطرة العبد المؤمن ، ومنه ما روي في بحار الانوار ج71 ص382 عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (( أدبني ربي فأحسن تأديبي))

وهناك عدة أغراض من التأديب الإلهي وهي ما يلي:

1) التكامل: لا يشترط أن يكون التأديب مقابل ذنب ارتكبه العبد ، بل قد يكون الغرض منه إعداد العبد لحمل الرسالة سواء على مستوى النبوة أو الإمامة أما ما دون ذلك فالله سبحانه وتعالى أدب رسوله لحمل الرسالة .

2) التطهير: وقد يكون الغرض من التأديب تطهير العبد من موبقات الذنوب كما روي في بحار الأنوار ج78 ص322 عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: (( كلما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعدون)) وروي في كتاب الكافي ج2 ص269 عن المعصومين عليهم السلام: (( أما أنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب)) وطبعا هذا لا يشمل المعصومين لأنهم لا يذنبون وإنما تصيبهم الأمراض لأسباب وحكم منها ما يلي:

أ) للتأسي والاقتداء: فهم عليهم السلام وصلوا في كل شيء إلى قمته وذروته حتى في الابتلاءات والمحن ، وكي يستلهم الناس من صبرهم على الشدائد والمحن فإن المريض عندما يتذكر مرض أيوب عليه السلام وهو نبي من أنبياء الله يزداد صبرا وتحملا لمرضه.

ب) ترتب الأسباب على مسبباتها: باعتبار انهن بشر مثلنا ، كما بين الله تعالى في سورة الكهف آية رقم 110: (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي)) فهم يمرضون ويأكلون ويشربون كما نحن.

ج) اقتضاء الحكمة: كما في الإمام السجاد عليه السلام فإن الحكمة الإلهية اقتضت أن يكون مريضا حتى لا يقتل في كربلاء فينقطع نسل آل محمد عليهم السلام

3) الجزاء: قد يكون التأديب جزاء للمذنبين كما دلت على ذلك كثير من الآيات القرآنية.

والعقوبة الإلهية على عدة أنواع والعقوبة تختلف باختلاف الأشخاص فإن عقوبة الكفار والمنافقين دون غيرهم وهي ما يلي:

1) العقوبة المادية: كالمرض والقتل والسجن والتشريد والمسخ والتعذيب وغير ذلك.

2) العقوبة المعنوية: ومن أعظمها وأشدها السلب والحرمان ، بأن يسلب الله تعالى عبده الهداية ولو لفترة محددة بسبب ذنب اقترفه ورد في أصول الكافي ج1 باب المشاكل بعلمه: (( أوحى الله إلى نبيه داود عليه السلام قال: لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي، فإن أولئك قطاع طريق عبادي المريدين ، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم)).

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة