كشكول الوائلي _ 21

img

عبدالملك والنقد

ثم جاء دور عبد الملك، وكان يحترم الإمام زين العابدين حتى قال له مرّة في مجلسه: «لقد وصلت إلى درجة من العلم والتقى لم يسبقك بها إلّا أسلافك». فكان يرسل للإمام (عليه السلام) في حلّ مشاكله، وكان منها مشكلة النقد؛ لأن الروم كانت ترسم على الملابس صورة هرقل وتكتب آيات من التوراة، فنهى عبد الملك عن شرائها؛ فانزعج ملك الروم وكتب له أنه إن لم يتراجع عن قراره فسوف يشتم النبي 9 في كتابة النقود. فتأثّر عبد الملك من هذا، ثم استشار الإمام السجّاد (عليه السلام)، فأعطاه الحلّ بسكّ نقود خاصّة بالدولة الإسلاميّة، مع أن عبد الملك لا يحمل حتى بعض الحب لأهل البيت.

ثم جاء دور عمر بن عبد العزيز، فكان يعبّر عن الإمام بـ(نور الدين وجمال الإسلام)؛ لأن الإمام (عليه السلام) في كلّ ممارساته كان يراعي روح الإسلام حتى كان يقول للشيعة: «أحبّونا حبّ الإسلام، والله ما زال حبّكم بنا حتى صار عارآ علينا». وكان يريد أن يربّيهم التربية الإسلاميّة الصحيحة والخلق السليم كأخلاقهم، حتى إنه (عليه السلام) كان يخدمهم بنفسه. وهذه الأخلاق والتربية من الإمام لم تكن لشيعته فقط بل هي لغيرهم أيضآ.

هشام أو السجاد

وممّا يذكر في هذا الصدد أن هشام بن إسماعيل والي عبد الملك في المدينة، وكان ناصبيآ يشتم الإمام كثيرآ، وبقي واليآ إلى زمن الوليد بن عبد الملك الذي عزله؛ لأنه اختلس أموالا كثيرة من بيت المال، وولّى مكانه عمر بن عبد العزيز، وأرسل إلى عمر أن أوقف إسماعيل في الشمس واضربه بالسياط وأرجع الأموال. فكان هشام هذا يخاف أن يمرّ به زين العابدين (عليه السلام) فيشمت به، إذ أنه كان يظن أن الإمام على شاكلته. وذات مرّة كان الإمام (عليه السلام) يمشي وإذا به يرى حشدآ، فسأل فأخبروه الخبر، فمنع (عليه السلام) الإساءة إليه، ثم همس في اُذنه قائلا: «انظر إلى ما أعجزك من مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك، فطب نفسآ منا ومن كلّ من يطيعنا». وأرسل له الإمام كلّ ما يحتاج إليه، فكان يقول بعد ذلك: “اللّهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ”، وكان أن ترك النصب له.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة