كشكول الوائلي _ 15

img

في معركة بدر الكبرى، حين احتدمت المعركة وسالت الدماء ـ وكانت قد حدثت بتأثير أبي جهل الذي حثَّ قريشآ على القتال ـ سقط أبو جهل جريحآ، فرآه الصحابي عبد الله بن مسعود الذي قال عنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): «من أراد أن يقرأ القرآن غضّآ ـ أي طريّاً ـ كما اُنزل فليقرأ على قراءة ابن اُم عبد الله» فلمّا وجد أبا جهل جريحآ تربّع وجلس على صدره وقال: إيه، يا عدوّ الله، لقد أمكن الله منک. فقال أبو جهل: من أنت؟ فأجابه: أنا عبد الله بن مسعود. فقال أبو جهل: لقد ارتقيت يا راعي الغنم ـ وكان عبد الله بن مسعود راعيآ للغنم قبل أن يُسلم ـ مرتقىً صعبآ. فقال له ابن مسعود: اسكت يا لكع، لقد أعزّني الله بالإسلام وأذلّک بالكفر. قال: هل لي أن أسألک سؤلا؟ قال: سل. قال: من الذي انتصر في المعركة، ومن الذي انهزم؟ فقال: العزّة لله ولرسوله، لقد انتصر رسول الله 9، ورُفعت راية «لا إله إلّا الله». فقال: إذن، عجّل بقطع رأسي، وارفعه على رمح طويل، كي تعرف قريش أنني مامتُّ إلّا على آلهتها.

ففعل ما طلب منه، وهو يعتقد أن ذلک يدخل السرور على قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)؛ لأن أبا جهل كان من ألدّ أعدائه، لكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لمّا رآه يطوف برأسه صاح: «مه». فقال: ماذا يارسول الله؟ قال: «هل نزعت الرحمة عن قلبک؟». ووبّخه توبيخآ عظيمآ على ذلک. فالإسلام يرى أن المثلة حرام ولو في الكلب العقور.

علي (عليه السلام) والمساوات

أمّا بالنسبة للاية الكريمة: “يَا أ يُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَـقْنَاكُمْ مِنْ ذَ كَرٍ وَاُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبآ وَقَـبَائِلَ لِتَـعَارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُمْ“، فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): «ألا إنكم ولد آدم، وآدم من تراب».

دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) امرأتان إحداهما مملوكة والاُخرى حرّة، وهو في بيت المال، وطلبتا منه العطاء، فأخرج لهما بكلتا يديه من العطاء، فدفع كميّة لهذه، ودفع للاُخرى كميّة أيضآ، فقالت الحرّة: هل تعرفني وتعرفها؟ إنني حرّة وهذه مملوكة. فحمل أمير المؤمنين(عليه السلام) قبضتين من التراب وقال: «والله، إني لا أرى فرقآ بين هذه وبين هذه».

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة